مواد خالية من صيغ (1)
(1)
توجد موادُّ خالية من بعض الصِّيَغ؛ ممَّا يترتب عليه عدم وجود المشْتقَّات المترتِّبة عليها.
وعلى الرغم من ذلك نجد شيوع هذه المشتقَّات كأخطاء لُغويَّة شائعة موجودًا مستخدَمًا؛ ممَّا يستوجب التنبيه والإعلام.
وعلى الرغم من أنَّ مَجْمع اللغة العربية بمصر قد اتَّخذ قرارًا عِلميًّا يُجِيز إكمال صِيَغ المادة إنْ طلبَت الضرورةُ ذلك، نجد هذه الموادَّ لا تَخضع لهذا القرار.
لماذا؟
لعدم وجود حاجة.
لماذا؟
لأنَّ المعنى يؤدَّى بالصِّيغ الموجودة.
(2)
نعيش معًا عبْر سلسلة متَّصِلة – إن شاء الله تعالى – مع أمثلة لهذه الموادِّ الخالية من صيغة “أفعل” الَّتي لا يَجب إكمالُها، والتي أنتجت أخطاءً شائعةً يَجب أن تَختفي من استعمالاتنا.
ونَبدؤها بصيغة “أفعل” من “ع و ق“.
(3)
خطأ أَعَاقَ ومُعَاق ومُعِيق وإعاقة
إنَّ المادة الأُولى التي سنعيش معها هي “ع و ق“، قد وردَتْ يائيَّةَ العين أيضًا.
وأبدأ بها؛ تقديرًا للأخ الحبيب محمد عبدالله الذي أثار مسألتَها، فأزمعْتُ أمري على بدء هذه السِّلسلة؛ لِتُربِّع السلاسل الثلاثةَ السابقة المعنوَنة بـ “موادُّ لا ثلاثيَّ لها” و”صِيَغ غير موجودة في المعجم“، و”المعاني اللُّغَوية المولَّدة“.
وكلها سلاسل تَعتمد على المعجم في النقد اللغوي، على الرغم من هجوم كثيرين على اعتماد المعجم وحْدَه في النَّقد اللغوي؛ إذْ يُوجِبون الرجوع إلى الاستخدمات الأدَبيَّة عبر العصور، وأشياءَ أخرى ليس هنا مجالُ الاستطراد فيها.
(4)
بحثتُ في المعاجم عن “أعاق” فلم أجِدْها، وأُورد نصَّ “المعجم الوسيط“، كمِثَال معجَميٍّ دالٍّ على خُلُوِّ المادَّة من صيغة “أفعل” من دون الإكثار من نُقُول المعاجم الأخرى.
يقول “المعجَم الوسيط“:
(عاقه) عن الشيء -ُ عوقًا: منَعَه منه وشغلَه عنه، فهو عائق (ج) عُوَّقٌ للعاقل، ولغيره عوائقُ، وهي عائقة (ج) عوائق، وعوائق الدهر: شواغِلُه وأحداثُه.
(عوَّقه) عن كذا: عاقه.
(اعْتاقه): عاقه.
(تعوَّق): امتنع وتثبَّط، و- فلانًا: عاقَه.
(العائق): ما يَعُوق انتشار البذور أو الثمار أو النبات مِن عوامل حيَويَّة أو طبيعية (مج).
و-: نبات من الفصيلة الشقيقيَّة، أزهاره جميلة مختلِفة الألوان ما بين أبيضَ وأحمر وأزرق.
(العَوْق): الأمر الشاغل، و-: الذي لا خير عنده، و-: مُنعَرَج الوادي (ج) أعواق.
(العَوِق): العائق (ج) أعواق.
(العُوَق): العائق، و-: الجبَان، و-: مَن لا يزال يُعَوِّقه أمْر عن حاجته.
(العِوَق): العَوِق.
(العَوْقَة): الذي يَعوق الناس عن الخير.
(العُوَقَة): للمبالغة من العائق.
2 – (عاقه) -ِ عَيقًا: منعَه وشغَله وصرفه.
(5)
وقد ورد ذلك في كتب النَّقْد اللغوي؛ فقد أكَّد الأستاذ محمد العدناني ذلك في كتابه “معجم الأخطاء الشائعة” الصَّادر عن مكتبة لبنان ناشرون، (ص 180)، مادة (749) المعنوَنة بـ”عاقه وعوَّقه وتعوَّقه واعتاقه” – فقال: “ويقولون: أعاقَه عن السَّفر عائقٌ، والصواب: عاقه وعوَّقه وتعوَّقه واعْتاقه؛ أيْ: حبَسه وصرفه وثبَّطه”.
(6)
وعلى السابق يكون الفعل الصحيح هو المجرَّدَ الثلاثيَّ “عاق“، والفعلُ الثلاثي المَزِيد بحرف “عوَّق“، والفِعلان الثلاثيَّان المَزِيدان بحرفَيْن “اعتاق” و”تعوَّق“.
ويأتي منها المضارع “يعوِّق، ويَعتاق، ويتعوَّق“، واسم الفاعل “مُعوِّق، ومُعْتَاق (مُعْتيق)، ومُتَعوِّق”، واسم المفعول “مُعَوَّق، ومُعْتَاق (مُعْتَيَق)، ومُتعوَّق”، والمصدر – بغَضِّ النظر عن أيِّهما أصْل الآخَر؛ الفعل أو المصدر – “عوْقٌ، وتعويق، واعْتياق، وتعوُّق“.
أما الثلاثي المزيد بحرف “أعاق” (أَعْيَق)، ومضارعه “يُعِيق” (يُعْوِق)، ومصدره – بغض النظر عن أيِّهما أصل الآخر؛ الفعل أو المصدر – “إعاقة” (إِعْوَقَة)، فكلُّها غير صحيحة لُغةً، ويجب حذْفُها من استخداماتنا اللغوية؛ لتحِلَّ الصيغ الصحيحة محَلَّها.