النواسخ ( كان وأخواتها 1)
النواسخ كلمات تدخل على الجملة الاسمية فتنسخ حكمها أي تغيره بحكم آخر، والمهم أن الجملة التي تدخل عليها هذه النواسخ هي جملة اسمية حتى إن كان الناسخ فعلا[1].
والنواسخ فعلية وحرفية.
كان وأخواتها:
وهي أول النواسخ الفعلية وأهمها.
و”كان” رأس هذا الباب وعنوانه؛ لأنها أكثر أخواتها استعمالا كما أن لها أحوالا كثيرة تخصها، وهي -مثل أخواتها- فعل ناسخ ناقص، وهي فعل ناسخ لأنها تدخل على الجملة الاسمية فتغير حكمها بحكم آخر؛ إذ ترفع المبتدأ ويسمى اسمها وتنصب الخبر ويسمى خبرها، ومعنى ذلك أنها العامل في الاسم وفي الخبر معا. وهي فعل ناقص لأنها تدل على زمان فقط، أي أنها لا تدل على حدث ومن ثم لا تحتاج إلى فاعل[2].
وكان وأخواتها ثلاثة عشر فعلا هي:
كان – ظل – بات – أصبح – أضحى – أمسى – صار – ليس – زال – برح – فتئ – انفك – دام.
1- كان:
وهي تستعمل فعلا تاما إن دلت على حدث يقتضي فاعلا، فتقول:
• تلبدت السماء بالغيوم واشتدت الريح فكان المطر.
كان: فعل ماض تام مبني على الفتح.
المطر: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
وهي حين تكون تامة يكون معناها: حدث أو حصل.
ب- وحين تكون ناقصة -وهو الأغلب- فإنها تعمل إن كانت فعلا ماضيا أو مضارعا أو أمرا، تقول:
• كان زيد قائما.
كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح.
زيد: اسم كان مرفوع بالضمة الظاهرة.
قائما: خبر كان منصوب بالفتحة الظاهرة.
• أكون سعيدا حين يكون أخي سعيدا.
أكون: فعل مضارع ناقص مرفوع بالضمة الظاهرة. واسمه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا في محل رفع.
سعيدا: خبر أكون منصوب بالفتحة الظاهرة.
حين: ظرف زمان منصوب بالفتحة الظاهرة، وشبه الجملة متعلق بـ”سعيدا”.
يكون: فعل مضارع ناقص مرفوع بالضمة الظاهرة.
أخي: اسم يكون مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف المناسبة، والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
سعيدا: خبر يكون منصوب بالفتحة الظاهرة، والجملة في محل جر مضاف إليه، بإضافة “حين” إليها.
• كن مستعدا.
كن: فعل أمر ناقص مبني على السكون واسمه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت في محل رفع.
مستعدا: خبر كن منصوب بالفتحة الظاهرة.
وكما تعمل كان وهي فعل متصرف تعمل وهي مصدر وتعمل وهي اسم فاعل، فتقول:
• أحبه لكونه شجاعا.
اللام: حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب.
كونه: اسم مجرور باللام وعلامة جره الكسرة الظاهرة، والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.
“وهذا الضمير هو -في الأصل- اسم كان”.
شجاعا: خبر كونه منصوب بالفتحة الظاهرة.
• زيد كائنٌ أخاك.
زيد: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
كائن: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة “وهو من الناحية الصرفية اسم فاعل، واسم الفاعل يستتر فيه الضمير” وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو عائد على المبتدأ في محل رفع اسم كائن.
أخاك: خبر كائن منصوب بالألف، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
ملحوظة: يشيع استعمال: كائنا من كان، وكائنا ما كان، نقول:
سأعاقب المهمل كائنا من كان,
• سأدفع ثمن هذا الشيء كائنا ما كان.
وأقرب إعراب لهذا الاستعمال هو:
كائنا: حال منصوب بالفتحة الظاهرة، وصاحب الحال هو “المهمل”، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو في محل رفع اسم كائن “لأنه اسم فاعل كما ذكرنا”.
من: اسم نكرة مبني على السكون في محل نصب خبر كائن.
كان: فعل ماض تام مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو، والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب صفة لـ”من”.
والمعنى: سأعاقب المهملة كائنا أي إنسان وجد.
جـ- تستعمل كان زائدة، وبخاصة في باب التعجب، فلا يكون لها عمل، ولا تستعمل زائدة إلا بصيغة الماضي فتقول:
• ما كان أطيب خلقه!
ما: اسم تعجب مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
كان: فعل ماض زائد مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
أطيب: فعل ماض مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر ما.
خلقه: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة، والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه.
د- يجوز دخول الواو على خبر كان إن كان بصيغة الماضي أو المضارع بشرط أن يسبقها نفي وبشرط أن يقترن خبرها بإلا، فتقول:
• ما كان من إنسان إلا وله أجل.
ما: حرف نفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح.
من: حرف جر زائد.
إنسان: اسم كان مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
إلا: حرف استثناء ملغى مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
الواو: حرف داخل على خبر كان مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
له: اللام حرف جر مبني لا محل له من الإعراب، والهاء ضمير مبني على الضم في محل جر، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم في محل رفع.
أجل: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة، والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب خبر كان.
هـ- يجوز حذف نون كان بشرط أن تكون فعلا مضارعا مجزوما بالسكون وليس بعدها ساكن أو ضمير متصل، فتقول:
• لم أكُ أفعل ذلك.
لم: حرف نفي وجزم وقلب.
أك: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون على النون المحذوفة، واسمه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا.
أفعل: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا.
والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب خبر أكن.
و الأصل في استعمال كان أن تكون موجودة مع اسمها وخبرها، ولكن قد يجري الحذف على جملتها، فتحذف كان وحدها أو تحذف كان مع اسمها ويبقى خبرها، أو تحذف مع خبرها ويبقى اسمها[3]:
– فهي تحذف وحدها في الاستعمال الآتي “وهو استعمال قد اختفى في الأغلب من الفصحى المعاصرة، وكان من قبل نادرا”:
• أما أنت كريما فأنت محبوب.
وهم يقولون في تحليل هذه الجملة إنها كانت:
• أنت محبوب لأن كنت كريما.
ومنه يتضح أن عندنا معلولا هو “أنت محبوب”، وعندنا علة له، هي “لأن كنت كريما”.
ويقولون: إن شرط حذف كان يستتبع الخطوات التالية:
1- نقدم العلة على المعلول، فتصير الجملة:
لأن كنت كريما فأنت محبوب.
2- نحذف لام الجر تخفيفا وذلك جائز قبل أن المصدرية.
3- نحذف “كان” ونعوض عنها بالحرف “ما” الزائد، ثم ندغمها في نون أن.
4- يبقى الضمير المتصل “التاء”، فيصير ضميرا منفصلا؛ إذ لم يعد هناك ما يتصل به، وتصبح الجملة:
• أما أنت كريما فأنت محبوب.
أما: أصلها أن + ما؛ أن حرف مصدري مبني على السكون لا محل له من الإعراب، وما حرف زائد للتعويض عن كان المحذوفة.
أنت: اسم كان المحذوفة ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع.
كريما: خبر كان المحذوفة منصوب بالفتحة الظاهرة.
– وتحذف كان مع اسمها جوازا بعد “إن” و”لو” الشرطيتين مثل:
• كل إنسان محاسب على عمله؛ إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
إن: حرف شرط مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
خيرا: خبر كان المحذوفة منصوب بالفتحة الظاهرة، واسمها محذوف أيضا.
وتقدير الكلام: إن يكون عمله خيرا فخير وإن يكن عمله شرا فشر.
ومثل: اقرأ كل يوم ولو صحيفة.
لو: حرف شرط مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
صحيفة: خبر كان المحذوفة منصوب بالفتحة الظاهرة واسمها محذوف أيضا.
وتقدير الكلام: اقرأ كل يوم ولو كان المقروء صحيفة.
– تحذف كان مع خبرها ويبقى اسمها -وهذا قليل- بشرط أن تكون بعد “إن” و”لو” الشرطيتين أيضا، مثل:
• كل إنسان محاسب على عمله إن خير فخير وإن شر فشر.
إن: حرف شرط مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
خير: اسم كان المحذوفة مرفوع بالضمة، وخبرها محذوف.
وتقدير الكلام:
رسم يسحب اسكنر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
2- ظل: وتفيد معنى الاستمرار، مثل:
• ظل زيد قائما.
ظل: فعل ماض ناقص مبني على الفتح.
زيد: اسم ظل مرفوع بالضمة الظاهرة.
قائما: خبر ظل منصوب بالفتحة الظاهرة.
3- أصبح: وتفيد وقوع الخبر في وقت الصباح، مثل:
• أصبح الطفل رجلا.
أصبح: فعل ماض ناقص مبني على الفتح.
الطفل: اسم أصبح مرفوع بالضمة الظاهرة.
رجلا: خبر أصبح منصوب بالفتحة الظاهرة.
وتستعمل “أصبح” فعلًا تامًّا يفيد معنى الدخول في وقت الصباح، مثل:
• ظل ساهرًا حتى أصبح.
أصبح: فعل ماضٍ تام مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هو.
والتقدير: ظل ساهرًا حتى دخل في وقت الصباح.
4- أضحى: وتفيد وقوع الخبر في وقت الضحى، مثل:
• أضحى العامل مستغرقًا في عمله.
أضحى: فعل ماض ناقص مبني على فتح مقدر منع من ظهوره التعذر.
العامل: اسم أضحى مرفوع بالضمة الظاهرة.
مستغرقًا: خبر أضحى منصوب بالفتحة الظاهرة.
ويستعمل بمعنى “صار” مثل:
• أضحى العلم ضروريًّا.
كما تستعمل تامة مثل:
ظل نائمًا حتى أضحى.
أضحى: فعل ماض تام مبني على فتح مقدر منع من ظهوره التعذر، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هو.
وتقدير الكلام: ظل نائمًا حتى دخل في وقت الضحى.
5- أمسى: تفيد وقوع الخبر في وقت المساء، مثل:
• أمسى الرجل مهمومًا.
أمسى المجهول معلومًا.
أمسى: فعل ماض ناقص مبني على فتح مقدر منع من ظهوره التعذر.
المجهول: اسم أمسى مرفوع بالضمة الظاهرة.
معلومًا: خبر أمسى منصوب بالفتحة الظاهرة.
المصدر: التطبيق النحوي للدكتور عبده الراجحي
[1] كثير من مصطلحات العلوم العربية مأخوذ من الفكر الإسلامي، ومنها مصطلح “النسخ” في النحو؛ إذ المعروف أن “النسخ” مصطلح فقهي يعني تغيير حكم شرعي بحكم آخر، فلما رأى النحاة أن هذه الكلمات تغير حكم المبتدأ أو الخبر سموها نواسخ.
[2] يعترض بعض العلماء على خلو الأفعال الناقصة من معنى الحدث، ويرى أنها لا تتجرد تجردا مطلقا للزمان. والواقع أنها كلمة تدل على الزمان حسب الواقع اللغوي للعربية.
[3] وقد تحذف مع اسمها وخبرها؛ ولكن في استعمال نادر.