إعراب الآيات من 16 – 20 من (سورة البقرة)
﴿ أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (١٦) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ (١٧) ﴾
الاعراب:
﴿ أُولئِكَ ﴾ اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ.
﴿ الَّذِينَ ﴾ خبر أولئك.
﴿ اشْتَرَوُا ﴾ فعل ماض مبني على الضم المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين والواو فاعل
﴿ الضَّلالَةَ ﴾ مفعول به
﴿ بِالْهُدى ﴾ الجار والمجرور متعلقان باشتروا والجملة لا محل لها من الاعراب لأنها صلة الموصول
﴿ فَما ﴾ الفاء حرف للعطف مع التعقيب وما نافية
﴿ رَبِحَتْ ﴾ فعل ماض والتاء تاء التأنيث الساكنة
﴿ تِجارَتُهُمْ ﴾ فاعل ربحت
﴿ وَما ﴾ الواو عاطفة وما نافية
﴿ كانُوا ﴾ كان فعل ماض ناقص والواو اسمها
﴿ مُهْتَدِينَ ﴾) خبرها وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم
﴿ مَثَلُهُمْ ﴾ مبتدأ
﴿ كَمَثَلِ ﴾ الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مثلهم أو الكاف اسم بمعنى مثل خبر ومثل مضاف اليه
﴿ الَّذِي ﴾ اسم موصول في محل جر بالاضافة
﴿ اسْتَوْقَدَ ﴾ فعل ماض مبني على الفتح بمعنى أوقد وهي استفعل بمعنى أفعل ومثله أجاب واستجاب، وأخلف واستخلف والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة استوقد لا محل لها من الاعراب لأنها صلة الموصول واستعمل الذي في موضع الذين ولذلك قال فيما بعد: «بنورهم».
﴿ ناراً ﴾ مفعول به، وجملة مثلهم مستأنفة مسوقة لضرب المثل لحال المنافقين الذين اشتروا الضلالة بالهدى استحضارا للصورة ورفعا للأستار عن الحقائق.
﴿ فَلَمَّا ﴾ الفاء حرف عطف ولما ظرف بمعنى حين متضمن معنى الشرط وقيل: هي حرف وجوب لوجوب وسماها ابن هشام رابطة.
﴿ أَضاءَتْ ﴾ فعل ماض والتاء تاء التأنيث الساكنة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي.
﴿ ما ﴾ اسم موصول بمعنى المكان مفعول به.
﴿ حَوْلَهُ ﴾ ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة ما وزعم بعض اللغويين أن أضاء فعل لازم فيتعيّن أن تكون ما زائدة أي أضاءت حوله.
﴿ ذَهَبَ اللهُ ﴾ فعل وفاعل والجملة لا محل لها من الاعراب لأنها جواب شرط غير جازم.
﴿ بِنُورِهِمْ ﴾ الجار والمجرور متعلقان بذهب.
﴿ وَتَرَكَهُمْ ﴾ فعل ماض وفاعل مستتر فيه جوازا ومفعول به أول.
﴿ فِي ظُلُماتٍ ﴾ الجار والمجرور في موضع المفعول الثاني لتركهم.
﴿ لا ﴾ نافية ﴿ يُبْصِرُونَ ﴾ فعل مضارع مرفوع والواو فاعل والجملة في موضع نصب على الحال المؤكدة لأن من كان في الظلمة لا يبصر.
الفوائد:
1- الكاف التشبيه ثلاث حالات:
أ- يتعيّن أن تكون اسما وهي ما إذا كانت خبرا أو فاعلا أو مفعولا أو مجرورة بحرف أو إضافة كما تقدم في الآية وكقول أبي الطيب:
وما قتل الأحرار كالعفو عنهم ***ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا
ب- يتعين أن تكون حرفا وهي الواقعة صلة للموصول.
ت- يجوز فيها الأمران فيما عدا ذلك وسيأتي المزيد من بحث الكاف في هذا الكتاب.
2- ترك: في الأصل بمعنى طرح وخلّى فيتعدّى لواحد وقد يتضمن معنى التصيير فيتعدّى لاثنين.
♦♦♦♦♦♦♦♦♦♦♦♦
﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (١٨) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩) يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
اللغة:
﴿ صُمٌّ ﴾ جمع أصمّ وهو الذي لا يسمع، يقال: صمّ يصمّ بفتح الصاد فيهما أي ثقل السمع منه وقيل: أصله السّدّ وصست القارورة أي سددتها.
﴿ بُكْمٌ ﴾ جمع أبكم وهو الذي لا يتكلم أي الأخرس.
﴿ عُمْيٌ ﴾ جمع أعمى والعمى ظلمة في العين تمنع من إدراك المبصرات والفعل منها على وزن عمي على فعل بكسر العين واسم الفاعل على أعمى وهو قياس الآفات والعاهات.
﴿ صيّب ﴾ هو المطر الذي يصوب أي ينزل وأصله صيوب اجتمعت الياء والواو وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء.
﴿ السّماء ﴾ كلّ ما علاك فأظلّك فهو سماء والسماء مؤنث وقد يذكّر. قال:
فلو رفع السماء إليه قوما***لحقنا بالسماء مع السحاب
الاعراب:
﴿ صُمٌّ ﴾ خبر لمبتدأ محذوف أي هم صم والجملة مستأنفة.
﴿ بُكْمٌ ﴾ خبر ثان.
﴿ عُمْيٌ ﴾ خبر ثالث وهذه الأخبار وإن تباينت في اللفظ متحدة في المدلول والمعنى لأن مآلها الى عدم قبول الحقّ.
﴿ فَهُمْ ﴾ الفاء عاطفة وهم مبتدأ.
﴿ لا يَرْجِعُونَ ﴾ لا نافية ويرجعون فعل مضارع مرفوع والواو فاعل والجملة خبر هم والجملة عطف على هم صم أي لا يعودون الى الهدى والمعنى أن مشاعرهم انتقضت بناها التي بنيت عليها للاحساس والإدراك.
﴿ أَوْ ﴾ حرف عطف للتفضيل أي أن الناظرين في حالهم منهم من يشبّههم بحال المستوقد ومنهم من يشبّههم بأصحاب صيب.
﴿ كَصَيِّبٍ ﴾الجار والمجرور معطوفان على كمثل ولا بد من تقدير مضاف أي كأصحاب صيب بدليل يجعلون أصابعهم في آذانهم.
﴿ مِنَ السَّماءِ ﴾ الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لصيب.
﴿ فِيهِ ﴾الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم.
﴿ ظُلُمات ﴾ مبتدأ مؤخر.
﴿ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ ﴾ معطوفان على ظلمات.
﴿ يَجْعَلُونَ ﴾ فعل مضارع مرفوع والواو فاعل والجملة مستأنفة مسوقة للإجابة عن سؤال مقدر كأنه قيل: فكيف حالهم مع ذلك الرعد؟ فقيل يجعلون.
﴿ أَصابِعَهُمْ ﴾ مفعول به.
﴿ فِي آذانِهِمْ ﴾ الجار والمجرور في موضع المفعول الثاني ليجعلون.
﴿ مِنَ الصَّواعِقِ ﴾ الجار والمجرور متعلقان بيجعلون، ومن سببية وانظر الفوائد.
﴿ حَذَرَ الْمَوْتِ ﴾ مفعول لأجله.
﴿ وَاللهُ ﴾ الواو اعتراضية والله مبتدأ.
﴿ مُحِيطٌ ﴾ خبر.
﴿ بِالْكافِرِينَ ﴾ الجار والمجرور متعلقان بمحيط والجملة لا محل لها من الاعراب لأنها معترضة بين جملتين من قصّة واحدة وهما: يجعلون أصابعهم ويكاد البرق.
﴿ يَكادُ ﴾ فعل مضارع مرفوع من أفعال المقاربة التي تعمل عمل كان وفيها لغتان: فعل وفعل ولذلك يقال كدت بكسر الكاف وكدت بضمها.
﴿ الْبَرْقُ ﴾ اسم يكاد المرفوع.
﴿ يَخْطَفُ ﴾ فعل مضارع مرفوع وفاعل مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على البرق وجملة يخطف خبر يكاد وخبر هذه الأفعال لا يكون إلا فعلا مضارعا وجملة يكاد مستأنفة كأنها جواب قائل يقول فكيف حالهم مع ذلك البرق فقيل: يكاد.
﴿ أَبْصارَهُمْ ﴾ مفعول به والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
﴿ كُلَّما ﴾) كلّ منصوب على الظرفية الزمانية وقد سرت الظرفية الى كل من إضافتها لما المصدرية الظرفية وما مع مدخولها.
﴿ أَضاءَ ﴾ في تأويل مصدر في محل جر بالإضافة وقيل: ما نكرة موصوفة ومعناها الوقت والعائد محذوف تقديره كل وقت أضاء لهم فيه فجملة أضاء في الأول لا محل لها لأنها صلة الموصول الحرفي وفي الثاني محلها الجر على الصفة وكلما برأسها متضمنة معنى الشرط والعامل فيها جوابها.
﴿ لَهُمْ ﴾ الجار والمجرور متعلقان بأضاء.
﴿ مَشَوْا ﴾ فعل ماض مبني على الضم المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين والواو فاعل وجملة مشوا فيه لا محل لها من الاعراب لأنها جواب شرط غير جازم.
﴿ فِيهِ ﴾ الجار والمجرور متعلقان بمشوا.
﴿ وَإِذا ﴾ الواو عاطفة وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه منصوب بجوابه.
﴿ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ ﴾ فعل ماض مبنى على الفتح والفاعل مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على البرق والجملة في محل جر بإضافة الظرف إليها وعليهم متعلقان بأظلم.
﴿ قامُوا ﴾ فعل وفاعل والجملة لا محل لها من الاعراب لأنها جواب شرط غير جازم.
﴿ وَلَوْ ﴾ الواو استئنافية ولو: شرطية وعبارة سيبويه انها حرف لما كان سيقع لوقوع غيره وهي أحسن من قول النحويين إنها حرف امتناع لامتناع وستأتي مباحث طريفة عنها في هذا الكتاب.
﴿ شاءَ اللهُ ﴾ فعل وفاعل ومفعول المشيئة محذوف وهذا الحذف سائغ في كلام العرب يكادون لا يذكرون مفعول شاء إلا في الأمر المستغرب كقول الخريمي:
فلو شئت أن أبكي دما لبكيته***عليه ولكن ساحة الصبر أوسع
فأن وما بعدها في تأويل مصدر مفعول شئت لأنه شيء مستغرب فحسن ذكره ومثل شاء أراد في هذا الحكم
﴿ لَذَهَبَ ﴾ اللام واقعة في متعلقان بذهب.
﴿ وَأَبْصارِهِمْ ﴾ عطف على يسمعهم.
﴿ إِنَّ ﴾ حرف مشبه بالفعل ﴿ اللهُ ﴾ اسمها المنصوب.
﴿ عَلى كُلِّ) ﴾ الجار والمجرور متعلقان بقدير.
﴿ شَيْءٍ ﴾ مضاف اليه.
﴿ قَدِيرٌ ﴾ خبر إنّ وجملة لذهب لا محل لها من الاعراب لأنها جواب شرط غير جازم وجملة إن الله تعليلية لا محل لها من الاعراب.
الفوائد:
زعم قاضي القضاة تاج الدين محمد بن عبد الرحمن بن عقيل شارح ألفية ابن مالك في النحو أن من الصواعق متعلقان بحذر الموت وفي ذلك تقديم معمول المصدر، قال ابن عقيل: إن الذي حمله على ذلك أنه لو علّقه بيجعلون لكان في موضع المفعول لأجله ويلزم على ذلك تعدّد المفعول لأجله من غير عطف وذلك ممتنع عند النحاة وأجاب عن هذا الاعتراض أن المفعول لأجله الأول تعليل للجعل مطلقا، والثاني تعليل له مقيدا بالأول والمطلق والمقيّد متغايران فالمعلّل متعدّد في المعنى وإن اتحد في اللفظ، وقد استدرك ابن هشام في مغني اللبيب على ابن عقيل، فارجع اليه إن شئت ففيه متعة وفائدة.