كتبه: ابن الحاجب المالكي
المحقق: الدكتور صالح عبد العظيم الشاعر

‌‌الأفعال (2)

‌‌[فعل الأمر]:

الأمر: صيغة يطلب بها الفعل من الفاعل المخاطب بحذف حرف المضارعة.

وحكم آخره حكم المجزوم.

 

فإن كان بعده ساكن وليس برباعيّ، زدت همزة وصل مضمومة إن كان بعده ضمّة، ومكسورة فيما سواه مثل: (اقتل) و (اضرب) و (اعلم).

 

وإن كان رباعيّا فمفتوحة مقطوعة.

 

‌‌[فعل ما لم يسمّ فاعله]:

فعل ما لم يسمّ فاعله: هو ما حذف فاعله، فإن كان ماضيا ضمّ أوّله وكسر ما قبل آخره، ويضمّ الثّالث مع همزة الوصل، والثاني مع التّاء خوف اللّبس.

ومعتلّ العين الأفصح (قيل) و (بيع)، وجاء الإشمام والواو.

 

ومثله باب (اختير) و (انقيد) دون (استخير) و (أقيم).

وإن كان مضارعا ضمّ أوّله وفتح ما قبل آخره، ومعتلّ العين ينقلب فيه ألفا.

 

‌‌[المتعدّي وغير المتعدّي]:

فالمتعدّي: ما يتوقّف فهمه على متعلّق، ك‍ (ضرب). وغير المتعدّي: بخلافه، ك‍ (قعد).

 

والمتعدّي يكون إلى واحد ك‍ (ضرب)، وإلى اثنين ك‍ (أعطى) و (علم)، وإلى ثلاثة ك‍ (أعلم) و (أرى) و (أنبأ) و (نبّأ) و (خبّر) و (أخبر) و (حدّث)، وهذه مفعولها الأوّل كمفعول (أعطيت)، والثّاني والثّالث كمفعولي (علمت).

 

‌‌[أفعال القلوب]:

(ظننت)، و (حسبت)، و (خلت)، و (زعمت)، و (علمت)، و (رأيت)، و (وجدت).

 

تدخل على الجملة الاسميّة لبيان ما هي عنه، فتنصب الجزءين.

 

ومن خصائصها أنّه إذا ذكر أحدهما ذكر الآخر، بخلاف باب (أعطيت).

 

ومنها جواز الإلغاء إذا توسّطت أو تأخّرت؛ لاستقلال الجزءين كلاما، بخلاف باب (أعطيت) مثل (زيد-علمت-قائم).

 

ومنها أنّها تعلّق قبل الاستفهام، والنّفي، واللاّم، مثل: (علمت أزيد عندك أم عمرو).

 

ومنها أنّه يجوز أن يكون فاعلها ومفعولها ضميرين لشيء واحد، مثل: (علمتني منطلقا).

 

ولبعضها معنى آخر يتعدّى به إلى واحد، ف‍ (ظننت) بمعنى اتّهمت، و (علمت) بمعنى عرفت، و (رأيت) بمعنى أبصرت، و (وجدت) بمعنى أصبت.

 

‌‌[الأفعال الناقصة]:

الأفعال النّاقصة: ما وضع لتقرير الفاعل على صفة، وهي: (كان)، و (صار)، و (أصبح)، و (أمسى)، و (أضحى)، و (ظلّ)، و (بات)، و (آض)، و (عاد)، و (غدا)، و (راح)، و (ما زال)، و (ما برح)، و (ما فتئ)، و (ما انفكّ)، و (ما دام)، و (ليس).

 

وقد جاء (ما جاءت حاجتك؟)، و (قعدت كأنّها حربة)، تدخل على الجملة الاسميّة لإعطاء الخبر حكم معناها، فترفع الأوّل وتنصب الثّاني، مثل (كان زيد قائما).

 

ف‍ (كان) تكون ناقصة لثبوت خبرها ماضيا دائما أو منقطعا، وبمعنى (صار)، ويكون فيها ضمير الشّأن، وتكون تامّة بمعنى ثبت، وزائدة.

و (صار) للانتقال.

 

و (أصبح) و (أمسى) و (أضحى) لاقتران مضمون الجملة بأوقاتها، وبمعنى (صار)، وتكون تامّة.

 

و (ظلّ) و (بات) لاقتران مضمون الجملة بوقتيهما، وبمعنى (صار).

 

و (ما زال) و (ما برح) و (ما فتئ) و (ما انفكّ) لاستمرار خبرها لفاعلها مذ قبله، ويلزمها النّفي.

 

و (ما دام) لتوقيت أمر بمدّة ثبوت خبرها لفاعلها، ومن ثمّ احتاج إلى كلام؛ لأنّه ظرف.

 

و (ليس) لنفي مضمون الجملة حالا، وقيل: مطلقا.

 

ويجوز تقديم أخبارها كلها على أسمائها، وهي في تقديمها عليها على ثلاثة أقسام:

قسم يجوز، وهو من (كان) إلى (راح).

وقسم لا يجوز، وهو ما في أوّله (ما)، خلافا لابن كيسان في غير (ما دام).

وقسم مختلف فيه، وهو (ليس).

 

‌‌[أفعال المقاربة]:

أفعال المقاربة: ما وضع لدنوّ الخبر رجاء أو حصولا أو أخذا فيه.

 

فالأوّل (عسى)، وهو غير متصرّف، تقول: (عسى زيد أن يخرج)، و (عسى أن يخرج زيد)، وقد تحذف (أن).

 

والثّاني: (كاد)، تقول: (كاد زيد يجيء)، وقد تدخل (أن)، وإذا دخل النّفي على (كاد) فهو كالأفعال على الأصحّ، وقيل: يكون للإثبات مطلقا، وقيل: يكون في الماضي للإثبات، وفي المستقبل كالأفعال؛ تمسكا بقوله تعالى: ﴿ وَما كادُوا يَفْعَلُونَ(البقرة/٧١)، وبقول ذي الرّمّة [من الطويل]:

إذا غيّر الهجر المحبّين لم يكد … رسيس الهوى من حب ميّة يبرح

 

والثّالث: (طفق) و (كرب) و (جعل) و (أخذ)، وهي مثل (كاد) و (أوشك)، وهي مثل (عسى) و (كاد) في الاستعمال.

 

‌‌[أفعال التّعجّب]:

فعل التّعجّب: ما وضع لإنشاء التّعجّب، وله صيغتان:

ما أفعله، وأفعل به.

 

وهما غير متصرّفين، مثل: (ما أحسن زيدا) و (أحسن بزيد)، ولا يبنيان إلاّ ممّا يبنى منه أفعل التّفضيل، ويتوصّل في الممتنع بمثل (ما أشدّ استخراجه) و (أشدد باستخراجه).

 

ولا يتصرّف فيهما بتقديم ولا تأخير ولا فصل، وأجاز المازنيّ الفصل بالظّرف.

 

و (ما) ابتداء نكرة عند سيبويه وما بعدها الخبر (٢)، وموصولة عند الأخفش (٣) والخبر محذوف.

 

و (به) فاعل، [و (أفعل) أصله خبر] (٤) عند سيبويه، ولا ضمير في (أفعل)، وأمر (٥) عند الأخفش، والباء للتّعدية، أو زائدة ففيه ضمير.

 

‌‌[أفعال المدح والذّم]:

أفعال المدح والذّمّ: ما وضع لإنشاء مدح أو ذمّ، فمنها: (نعم) و (بئس).

 

(١) النّأي: البعد، رسيس الهوى: المراد أوّله أو ما سبق منه، والرّسّ: ابتداء الشيء، يقال: رسّ الحمّى ورسيسها: وهو أوّل مسّها.

 

(٢) نقل ذلك سيبويه عن الخليل، حيث قال: زعم الخليل أنه بمنزلة قولك: شيء أحسن عبد الله، ودخله معنى التعجّب، وهذا تمثيل ولم يتكلّم به. . . ونظير جعل (ما) وحدها اسما قول العرب في (إني مما أن أصنع)، أي: من الأمر أن أصنع، فجعل (ما) وحدها اسما الكتاب تحقيق د. البكاء ١/ ١١٧،١١٨.

 

(٣) يراجع: معاني القرآن للأخفش ١/ ٣٤٧، وفي موصل الطلاب ص ١٥٢. . . (ما أحسن زيدا) عند الأخفش في أحد احتماليه، أي (شيء موصوف بأنّه حسن زيدا عظيم) فحذف الخبر.

 

(٤) زيادة انفردت بها مخطوطة برينستون.

 

(٥) في المطبوع (ومفعول). والتّصويب من مخطوطة برينستون.

وشرطهما أن يكون الفاعل معرّفا باللاّم، أو مضافا الى المعرّف بها، أو مضمرا مميّزا بنكرة منصوبة، أو ب‍ (ما) مثل ﴿ فَنِعِمّا هِيَ(البقرة/٢٧١.)، وبعد ذلك المخصوص، وهو مبتدأ ما قبله خبره، أو خبر مبتدأ محذوف مثل (نعم الرّجل زيد)، وشرطه مطابقة الفاعل، و ﴿ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا(الجمعة/٥) وشبهه متأوّل.

 

وقد يحذف المخصوص إذا علم مثل ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ(سورة ص/٣٠،٤٤) و ﴿ فَنِعْمَ الْماهِدُونَ(الذاريات/٤٨).

 

و (ساء) مثل (بئس)، ومنها (حبّذا) وفاعله (ذا)، ولا يتغيّر وبعده المخصوص، وإعرابه كإعراب مخصوص (نعم)، ويجوز أن يقع قبل المخصوص وبعده تمييز أو حال على وفق مخصوصه.

 

المصدر: الكافية في علم النحو

ترك تعليق