المؤلف: أبو العباس، أحمد بن محمد بن ولاد التميمي النحوي (المتوفى: ٣٣٢ هـ)
مسألة [١٨]
ومن ذلك قوله في دخلت البيت: إنه حذف منه حرف الجر، وإنما البيت ها هنا مفعول صحيح كما قال الله جل ثناؤه: ﴿ لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين ﴾ وقد مضى تفسير هذا فيما مضى من قبل، فلذلك أمسكنا عنه ها هنا.
قال أحمد: قد ذكرنا في هذه المسألة ما فيه كفاية فيما تقدم، ولم يأت بزيادة فيها غير ما ذكره متقدما فترد أو تقبل إن كانت حقا.
مسألة [١٩]
ومن ذلك قوله في آخر هذا الباب في مسألة يقول فيها: جعلت متاعك بعضه أحسن من بعض في معنى ظننت، وذلك غير معروف في شيء من الكلام.
قال أحمد: إن كان محمد أراد بقوله: وذلك غير معروف، في أن (جعلت) تجري مجرى ظننت في الشك، فلعمري إن هذا غير معروف، وإن كان أراد أنها لا تتعدى إلى مفعولين كما تتعدى ظننت، فهذا غلط منه.
وجعلت على ضربين في الكلام، تكون على معنى صيرت، وتكون بمعنى الاختراع، وذلك قولك: جعلت زيدا عالما وجعلته أميرا، فلم ترد أنك عملت زيدا في نفسه، ولا اخترعته، ذلك لله عز وجل وحده، وإنما أردت أنك صيرته إلى هذه الحال فلا بد من مفعولين معها كما أنه لا بد من مفعولين مع ظننت، وهذا سبيل علمت في بعض الكلام، تتعدى إلى مفعولين فتكون كظننت في تعديها لا في معناها، لأن ظننت شك وعلمت يقين، فليس معناها كمعناها وإنما أشبهتها في التعدي، وكذلك جعلت، تقول: جعل الله /٣٠/ عز وجل الخلق، أي: خلقهم فلا تجاوز مفعولا واحدا، وإن أردت الوجه الآخر تعدت إلى مفعولين كظننت، وهذا [مما] لا يخالف فيه أحد من النحويين.
المصدر: الانتصار لسيبويه على المبرد