تعريفها:
مِنَ النَّسْخ، وهو الإزالة.
سمِّيَ بذلكَ: (كانَ) وأخَواتُها، و (إنَّ) وأخَواتُها، و (ظَنَّ) وأخَواتُها، و (كادَ) وَأَخَواتُها؛ لأنَّها تَنْسَخُ حُكْمَ المبتدأِ والخبَر من الرَّفْعِ إلى غيرِهِ.
١- (كان) وأخواتها
أنواعها:
1- ناسخٌ بلا شرط، وهي: كانَ، أمْسى، أصْبَحَ، أضْحى، ظَلَّ، باتَ، صارَ، ليسَ.
2- ناسخٌ بشرْطِ أن يتقدَّمَه نفيٌ أو شِبهُهُ كالنَّهي والدُّعاءِ، وهي: زالَ، بَرِحَ، فَتِئَ، انفكَّ.
تقولُ: (ما زالَ، ما بَرِحَ، ما فَتِئَ، ما انفَكَّ) (لا تَزَلْ، لا تَبْرَحْ، لا تَفْتَأْ، لا تنفَكَّ) وهكذا.
3- ناسخٌ بشرطِ أن يتقدَّمَه (ما) المصدريَّة الَّتي فيها معنى التَّوقيت، وهو: دامَ.
﴿ ما دُمْتُ حيّا ﴾ أي: مُدَّة دوامِي.
أحكامها:
1- تُسمَّى (أفعالًا ناقصةً) وذلكَ لعدمِ اكتفائها بالمرفوعِ واحتياجِها للمَنصوبِ.
2- تَرْفَعُ المبتدأَ ويُسمَّى (اسْمَها) وتَنْصِبُ الخبرَ ويُسمَّى (خبَرَها).
3- الأصْلُ تأخيرُ الخبَرِ عن الفعلِ النَّاقِصِ واسمِهِ، لكن يجوزُ أن يتوسَّطَ الخبَرُ، نحو: ﴿ وَكانَ حقَّا علَينا نَصْرُ المؤمنينَ ﴾.
كما يجوزُ تقدُمُ الخبَرِ على الفعْلِ النَّاقصِ إلَاّ خبرَ (دامَ) و (ليس) فلا يتقدَّمهما، تقولُ: (صالحاً كانَ محمودٌ).
4- جميعُ هذه الأفعالِ الناقصةِ يمكِنُ مجيئُها تامَّةً مستغنيةً بالفاعِلِ كسائر الأفعالِ اللَّازمة، لا تحتاجُ إلى منصوبٍ، ما عَدا [ليْسَ، فَتِئَ، زالَ] فإنَّها لا تأتي إلا ناقصةً.
نحو: ﴿ وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرةٍ ﴾ أي: وقَعَ، ﴿ فَسُبْحانَ اللهِ حينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبحونَ ﴾، ﴿ خالِدِينَ فيها ما دامَتِ السَّمواتُ والأرْضُ ﴾.
خصائص كان:
1- تُحْذَفُ معَ اسمِها ويبقى عمَلُها ناسخةً، وذلكَ بعْدَ (إنْ) و (لَوْ) الشَّرطيَّتينِ.
نحو: (كُلٌّ مُحاسَبٌ بعَمَلِهِ، إنْ خَيْراً فَخَيْرٌ، وإِنْ شَرًّا فشَرٌّ) التَّقديرُ: إِنْ كانَ العَمَلُ خَيْراً، وإنْ كانَ العَمَلُ شَرّا، ونحو قولهِ- صلى الله عليه وسلم: “التَمِسْ وَلَوْ خاتَماً مِن حَديدٍ” التَّقديرُ: ولَوْ كانَ الملتَمَسُ خاتَماً من حديدٍ.
2- تأتي زائدةً لا تَعْمَل، في نحو صيغةِ: (ما كانَ أحْسَنَ بَكْراً).
3- يجوزُ حذْفُ نونِ (كانَ) بثلاثةِ شُروطٍ:
[١] أن تكونَ مُضارعاً مجزوماً بالسُّكَونِ.
[٢] أن لا توصَلَ بضميرٍ، كما في قولهِ- صلى الله عليه وسلم- في قصَّةِ ابنِ صيَّادٍ: “إن يَكُنْهُ فلَنْ تُسَلَّطَ عليه”.
[٣] أن لا توصَلَ بِساكِنٍ، نحو: ﴿ لَمْ يَكُنِ الَذينَ كفَروا ﴾.
فإذا حقَّقَتْ هذه الشُروطَ جازَ حَذْفُها، نحو: ﴿ ولَم أَكُ بَغيًّا ﴾، ﴿ لم نَكُ من المصلِّينَ ﴾، ﴿ ولا تَكُ في ضَيقٍ مِمَّا يمكرونَ ﴾.
لواحق ليس:
يعمَلُ عمَلَ (ليس) ثلاثةُ أحْرُفٍ، هي:
1- (ما) النَّافية، نحو: ﴿ ما هذا بَشَراً ﴾، ﴿ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ ﴾.
ولا بُدَّ من توفُّرِ شُروطٍ لتعملَ عملَ (ليسَ)، هي:
[١] أن لا ينقطعَ نفيُها بالاستثناءِ، نحو: ﴿ وما أمْرُنا إلَّا واحِدةٌ ﴾.
[٢] أن يتقدَّمَ اسمُها على خبرِها.
[٣] أن لا تقتَرِنَ بـ (إن) الزَّائدة.
2- (لا) النَّافية، وذهبوا -على اختلافٍ بينهمْ- إلى أنها تعمَلُ في الشِّعْرِ خاصَّةً ولا أثَرَ لها في سائرِ الكلامِ.
3- (لاتَ)، وهي في الأصْلِ (لا) النَّافية دخلَت عليها تاءُ التَأنيثِ.
وشَرْطُ إعمالِها عملَ (ليسَ) أن يُحْذَفَ اسمُها أو خبرُها، ويكونَ المذكورُ (الاسمُ أو الخبرُ) لفظَ (حين)، نحو: ﴿ فنادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَناصٍ ﴾ المعنى: وليْسَ الحِينُ حينَ مَناصٍ.
فائدة: قدْ تُزادُ الباءُ في خبرِ (ليسَ) و (ما)، نحو: ﴿ ألَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَه؟ ﴾، ﴿ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ ﴾.
والعلَّةُ في ذلكَ دَفْعُ التَّوهُّمِ، فربَّما سَمِعَ السَّامِعُ الكلامَ ولم يسْمَع النَّفْيَ فيظنُّهُ موجَباً.
٢- (إنّ) وأخواتها
أنواعها:
1- (إنَّ) ومنها (أنَّ)، للتَّأكيدِ، نحو: ﴿ إنَّ اللهَ غَفورٌ رَحيمٌ ﴾، ﴿ وأنَّ اللهَ توَّابٌ حَكيمٌ ﴾.
2- (لكنَّ) للاستدراكِ، نحو: ﴿ ولكنَّ اللهَ سَلَّمَ ﴾.
3- (كأنَّ) للتَّشبيه، نحو: ﴿ كأنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ ﴾.
4- (لَيْتَ) للتَمنِّي، نحو: ﴿ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمونَ ﴾.
5- (لَعَلَّ) للتَّرجِّي، نحو: ﴿ لعَلَّ السَّاعَةَ قَريبٌ ﴾.
أحكامها:
1- تَنْصِبُ المبتدأَ ويُسمَّى (اسمَها) وترفعُ الخبَر ويُسمَّى (خبَرَها).
2- تُسمَّى (الحروفَ المشبَّهَةَ بالفِعْلِ) لما لها من مُشابهةِ الفِعْلِ في الرَّفْعِ والنَّصْبِ.
3- لا يجوزُ أن يتقدَّمَ خبَرُ هذه الحروفِ عليها.
4- يجوزُ تقدُّمُ الخبَرِ على الاسمِ في حالَتَين:
[١] إذا كانَ الخبرُ ظَرفاً، نحو: ﴿ إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً ﴾.
[٢] إذا كانَ جارّاً ومجروراً، نحو: ﴿ إِنَّ علَينا جَمْعَهُ وقُرْآنْهُ ﴾.
5- يسقُطُ عملُها إذا اتَّصَل بها حرفُ (ما) ما عدا (ليتَ) نحو: ﴿ إِنما اللهُ إلهٌ واحِدٌ ﴾، ﴿ أنَّما إلهُكُمْ إلهٌ واحِدٌ ﴾.
ويجوزُ في (ليتَ) إعمالُها فيما بعْدَها وإهمالُها إذا اتَّصَلَتْ بها (ما)، تقولُ: (لَيْتَما محمَّداً حاضِرٌ)، و (ليتَما محمَّدٌ حاضِرٌ).
6- دخولُ اللَاّم على اسم (إنَّ) أو خبرِها لا يُلغِي عمَلَها، نحو: ﴿ وإنَّ لَكَ لأجْراً ﴾، ﴿ وإنَّ ربَّكَ لَذُو فَضْلٍ ﴾، وهي لامُ الابتداءِ لا محلَّ لها من الإعرابِ.
7- إذا خُفِّفَت (إن) و (لكن) سَقَطَ عملُهُما، نحو: ﴿ إِنْ هذانِ لَساحِرانِ ﴾، ﴿ وآخِرُ دعْواهُمْ أنِ الحَمْدُ للهِ ﴾، ﴿ لكنِ الرَّاسِخونَ في العِلْمِ ﴾.
قاعدة في ضَبْط همزة (إنّ):
لـ (إنَّ) ثلاثةُ أحوالٍ:
١- وجوبُ كَسْرِ الهمزةِ، ويكونُ في مواضِعَ:
[١] أن تَقعَ صِلَةً، نحو: ﴿ وآتَيناهُ من الكُنوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوءُ ﴾.
[٢] أن تَقعَ حالاً، نحو: ﴿ كما أخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيتِكَ بالحَقِّ وِإنَّ فَريقاً من المؤمنينَ ﴾.
[٣] أن تَقعَ محكيَّةً بالقَوْلِ، نحو: ﴿ قالَ: إِنِّي عَبْدُ الله ﴾.
[٤] أن تَقعَ قبلَ لامِ الابتداءِ، نحو: ﴿ واللهُ يعلَمُ إنَّكَ لَرَسولُهُ ﴾.
[٥] أن تَقعَ في ابتداءِ الجملةِ، نحو: ﴿ إنَّا أعْطَيناكَ الكَوْثَرَ ﴾.
[٦] أن تَقعَ جوابَ قَسَم، نحو: ﴿ تاللهِ إنَّكَ لَفي ضَلالِكَ القَدِيمِ ﴾.
[٧] أن تَقَعَ بعْدَ (حَيْثُ)، نحو: (مِنْ حَيْثُ إنهُ رَجُلٌ صالحٌ).
٢- وجوبُ فَتْحِ الهمزةِ، ويكونُ في مواضِعَ:
[١] أن تَقعَ بَعْدَ (لَولا)، نحو: ﴿ فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المسبِّحينَ ﴾.
[٢] أن تَقعَ بَعْدَ (لَوْ)، نحو: ﴿ وَلَوْ أَنهُمْ صَبَروا ﴾.
[٣] أن تَقعَ بَعْدَ (ما) الظَّرفيَّة، نحو: (لا أُفارِقُكَ ما أن في السَّماءِ نَجماً).
[٤] أن تَقعَ بَعْدَ (حتَّى) العاطفةِ والجارَّةِ، نحو: (عَلِمْتُ أحوالَكَ حتَّى أنَّكَ تاجِرٌ)، أمَّا إذا جعَلْتَ حتَّى ابتدائيَّةً كَسَرْتَ، نحو: (مَرِضَ حتَّى إنَّهُ لا يُرْجَى).
[٥] أن تَقعَ بَعْدَ (أَمَا) المخفَّفة إذا كانتْ بمعنى (حقّاً)، نحو: (أَمَا أنَّكَ مُسافِزٌ).
[٦] أن تَقعَ بَعْدَ (لا جَرَمَ)، نحو: ﴿ لَا جَرَمَ أَن لَهُمُ النَّارَ ﴾، وقيلَ: يجوزُ الكَسْرُ.
المصدر: المنهاجُ المختَصر في عِلمي النَّحو وَالصَّرف