المآخذ الصوتية والنطقية
كتبه: د أحمد مختار عبد الحميد عمر
نعني بالمآخذ الصوتية والنطقية:
تلك التي لا تظهر في النص المكتوب، وإنما يكشف عنها النطق الشفاهي، وتدركها أذن السامع. ولذلك فهي تتعلق بالإعلام المسموع وحده دون المكتوب.
ويدخل تحت هذه المآخذ أنواع ثلاثة:
أ- ما يخص جانب الصوت والأداء.
ب- ما يخص جانب المعجم، أو ضبط بنية الكلمة بالشكل[1]، وقد تدخل فيه بعض الانحرافات الصرفية[2].
ت- ما يخص جانب النحو أو الضبط الإعرابي[3].
وسنقتصر في هذا الفصل على النوع الأول، أما النوعان الآخران فسيأتي كل منهما في الفصل الخاص به.
وهذا أهم ما لاحظته على جانب الصوت والأداء:
1- الاستخدام المعيب للوسائل الصوتية غير اللفظية:
أهم ما يلفت النظر في جانب الصوت والأداء افتقار كثير من المتحدثين إلى الثقافة الصوتية، وإلى التدريب الكافي على استخدام الإمكانات الصوتية المتنوعة التي تدخل تحت ما يسمى بالوسائل الصوتية غير اللفظية، أو الملامح النطقية غير التركيبية المصاحبة للعملية الكلامية، والمشاركة لها في أداء الرسالة اللغوية، والمستخدمة لتنويع نماذج الأصوات، مثل النبر، والتنغيم، ودرجة الصوت[4]، ومعدل سرعته أو استمراريته[5]، نوعيته، ومدى ارتفاعه، وطول الوقفة أو السكتة[6].
وتأتي أهمية هذه المفاتيح الصوتية من أنها تنتج نحو من 38% من الرسالة اللغوية، كما أنها يمكن أن تكون ذات تأثير سلبي حين يساء استخدامها[7].
وربما كان من أكثر السلبيات لفتًا للنظر في هذا المقام:
أ- كثرة السكتات والوقفات الخاطئة من المتحدث أو المذيع، كما حدث في نشرة الخامسة مساء يوم 2/ 1/ 1991 حينما قرأ المذيع الجملة الآتية هكذا:
* أن أسلوب الشتائم الذي يتبعه العراق# [8] دائمًا أسلوب المفسدين.
وكان حقه أن يقرأها هكذا:
* أن أسلوب الشتائم الذي يتبعه العراق دائمًا # أسلوب المفسدين.
ب- الخطأ في تنغيم الجملة في أثناء قراءتها. فالجملة في أثناء الاستمرار في نطقها لها تنغيم معين، وعند انتهائها يصبح لها تنغيم آخر … وهكذا. والجملة التقريرية لها تنغيم، والاستفهامية لها تنغيم ثانٍ، والاحتمالية لها تنغيم ثالث، والتوكيدية لها تنغيم رابع، وهكذا[9].
وكثيرا ما يعطيك المذيع عن طريق تنغيمه للجملة انطباعًا باستمرار الجملة، ثم تفاجأ بانتهائها، والانتقال إلى جملة جديدة، وقد يحدث العكس، أي أن يعطيك المذيع عن طريق تنغيمه إحساسًا بانتهاء الجملة، ثم تفاجأ بعدم انتهائها.
كما فعلت مرفت خير الله حينما نطقت الجملة:
– بعد ثلاثة أشهر من الإصرار[10].
وكما فعل عبد الله حامد في نطقه للجملة:
– لا فرق بين حل عربي أو إسلامي مهما كان الحل فالمطلوب حل المشكلة[11]. وجيهان أنور في نطقها للجملة: استولت على خمس عشرة طائرة كويتية منها ثماني طائرات[12]،
واستمع إلى الجملة الآتية التي نطقها المذيع بنغمة واحدة مستوية حتى نهايتها، فوقف بنغمة هابطة وهي:
– “الجرام عيار تسع ميه ثمانيه واربعين قرشا”،
وكان حقه أن يقسمها على النحو التالي:
– الجرام عيار تُسع ميّه: ثمانية وأربعين قرشًا بنغمتين هابطتين.
[1] يشمل ذلك موضوعات مثل: الخطأ في ضبط بنية الكلمة- الخلط بين كلمات يتشابه نطقها.
[2] يشمل ذلك موضوعات مثل: ضبط حرف المضارعة- نوع همزة فعل الأمر وضبطها- ضبط عين الفعل الثلاثي المجرد- الخلط بين اسم الفاعل واسم المفعول- همزتي الوصل والقطع …
[3] يشمل ذلك موضوعات مثل: أخطاء الضبط الإعرابي- بعض أخطاء الاستثناء بعض أخطاء الممنوع من الصرف- بعض أحكام العدد- بعض أخطاء الجمع.
[4] يعني بدرجة الصوت التردد الأساسي للتصويت الذي قد يتوقف على بعض العوامل التشريحية، ولكنه يتوقف كذلك على الانفعال، ودرجة اهتمام المتكلم ومحتوى كلامه.
[5] يشير معدل السرعة إلى عدد الأصوات المنطوقة خلال فترة زمنية معينة، عادة ما تكون الثانية، ولمعدل السرعة أثر كبير على تحسين الاتصال، ويتناقص الوضوح والاستيعاب حينما تتجاوز السرعة المعدل المعتاد.
[6] التوقف أو السكتة يطلق على عدم التصويت لمدة 200 مللي ثانية أو أكثر.
[7] انظر في ذلك Nonverbal Communication System والولايات المتحدة 1976ص123.
[8] هذه العلاقة تشير إلى موقع السكتة، أو المفصل المفتوح.
[9] تتنوع التنغيمات بين الصاعدة، والمستوية، والهابطة، والصاعدة الهابطة، وغيرها انظر في ذلك: أحمد مختار: دراسة الصوت اللغوي 1991 ص366 وما بعدها.
[10] قرأتها: بعد ثلاثة أشهر ثم سكتة مع تنغيم الوقوف. ولكن حين استأنفت القراءة فوجئ السامع بقولها: من الإصرار، مما دل على أن الجملة ممتدة.
[11] حيث وقف بعد الحل بتنغيم نهاية الجملة، مع أن الجملة ممتدة.
[12] حيث وقفت بعد منها بتنغيم نهاية الجملة، مع أن المعنى يقتضي الوقوف عند “كويتية”.