من مستويات النص الأدبي… الاستعمال

لا تَقُومُ فائِدةٌ إلا بالاستِعمالِ، فما يَستَعمِلُهُ أهلُ اللغةِ، ويَصطلِحونَ علَيهِ هو الَّذِي يَكونُ مُفيداً دُونَ غَيرهِ، أي لا بدَّ للغةِ من المُواضَعةِ والاصطلاحِ أو التوقيفِ لمن لا يَقُولُ بالاصطلاحِ. ويَظهَرُ دورُ الاستِعمالِ في تحقِيقِ الفائِدةِ فِي الألفاظِ المستَعملةِ، وقد عُنِيَ أهلُ الُّلغةِ بتمييزِ المستَعمَلِ من المُهملِ، لأنَّهم بَنَوا عليهِ قواعِدَهُم، وقَدَّمُوا جُهُوداً رائِدةً في التحقُّقِ من السَّماعِ لِكُلِّ ما نُقِلَ من العربيَّةِ عن لِسانِ العربِ.

الاستشهاد بالقرآن الكريم في علم النحو

اتصل الدين الإسلامي باللغة العربية اتصالًا وثيقًا في العصور الإسلامية جميعًا، وكان الباعث على اهتمام علماء اللغة بجمع الشواهد، وتقعيد القواعد النحوية، باعثًا دينيًا، وهو ضبط نصوص القرآن الكريم، وتعليم الطلاب لغة العرب لغة القرآن، ” وكانت مناهج التعليم تمزج بين المعارف الدينية واللغوية، في الكتاتيب وحلقات المساجد، والمجتمعات، ثم في المدارس المنتظمة، وغالبًا ما يكون اللغوي رجل دين، وما عهدنا عالمًا من علماء اللغة القدامى، إلا كان مقرئًا، أو مفسرًا، أو أصوليًا، أو محدثًا، أو متمكنًا، أو فقيهًا “[1].

شُروطُ القَواعِدِ النَّحويَّة

القَواعِدُ النَّحويَّة في المراحِلِ الأُولَى من وَضعِها كانَتْ أقلَّ اختِصاراً، في الوقتِ نَفسِهِ كانَ المصطَلَحُ أقلَّ ضَبطاً، لكنَّها في الوقتِ نفسِهِ كانَتْ أكثر وَصفيَّة، ونأتِي علَى ذلِكَ بشواهدَ من قواعِدَ وَضَعَها الأوائِلِ كسيبويه (ت180هـ) والفرَّاء(ت207هـ) والأخفش (ت 215هـ). يقولُ الفرَّاء في الآية الكريمة: ﴿ قُلْ إنَّ الموتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنهُ فإنَّه ملاقِيكُم ﴾[1]: ” أدخَلَتِ العرَبُ الفاءَ في خبرِ إنَّ، لأنَّها وَقَعَتْ على الَّذِي، والَّذِي حرفٌ يُوصَلُ، فالعَرَبُ تُدخِلُ الفاءَ في كلِّ خبرٍ كانَ اسمُهُ ممَّا يُوصَلُ، مثل: مَنْ والَّذِي وإلقاؤُها صوابٌ

كلام العرب الفصحاء في الاحتجاج النحوي

إنَّ كلامَ العربِ الفُصحاءِ يُعدُّ مَصدراً مِن مَصادرِ الاحتِجاجِ فقد استَقرأَهُ أهلُ اللغة والنَّحو، وسَعَوا إلَيهِ فِي مَوطنهِ بِالباديةِ عِندَ القبائِلِ العربيَّةِ، أو التقَوا بِأهلِهِ في الحواضِرِ ونقلُوهُ بأمانةٍ وصِدقٍ، وصحَّحُوا الشَّواهِدَ الكثيرةَ مِن هؤلاءِ الأعرابِ.

وظيفة القواعد النحوية

تَنبُعُ أهميةُ القَواعِدِ النَّحويّةِ من كونِها تُعلِّمُ اللُّغةَ العربيَّةَ وتُمهِّدُ لها الطَّرِيقَ، ولا بُدَّ حينَ تَعلِيمِ العربيَّة بِنصوصٍ أدبيَّةٍ فَصِيحةٍ مِن تَعلُّمِ قَواعِدِها، فهِيَ كما يَرَى الثعالبيُّ (ت429هـ): “خيرُ الُّلغاتِ والألسِنةِ، والإقبالُ علَى تَفهُّمِها من الدِّيانةِ، إذ هِيَ أداةُ العِلمِ ومفتاحُ التَّفقُّهِ فِي الدِّينِ