المؤلف: أبو القاسم الزَّجَّاجي
المحقق: الدكتور مازن المبارك

مسائل متفرقة في النحو والإجابة عنها (1)

مسألة:

قال أبو القاسم: ضارب تعمل عمل يضرب. كما أن يضرب أعرب لأنه ضارعه، فكذلك ضارب يعمل عمله لمضارعته إياه، فحمل كل واحد منهما على صاحبه. والمصدر الذي يكون بمعنى “أن فعل” أو “أن يفعل” يعمل عمل اسم الفاعل، لأنه اسم الفعل، وفيه دليل على الفعل. ولا يتقدم مفعوله على فاعله، لأنه لم يقو قوة اسم الفاعل، ولم يجيء على تقديمه وتأخيره وإضمار اسم الفاعل فيه، فلذلك كان أنقص رتبة من اسم الفاعل.

وإن المددة وأخواتها وما – في لغة أهل الحجاز – تعمل عمل الفعل لمضارعتها إياه، ولا يتقدم خبرها عليه، ولا على اسمها، لأنها لم تتصرف تصرف الأفعال، فلذلك لم يجز فيها كل ما جاز في الأفعال. والصفة المشبهة باسم الفاعل، هي أنقص مرتبة من المصدر، لأنها ليست توقع فعلاً سلف منك إلى غيرك، وإنما تعمل فيما هو من سببها، وإنما جاز أن تعمل فيه، لأنها مشبهة باسم الفاعل، لأنها صفة كما أنه صفة، وأنه يثنى ويجمع ويذكر ويؤنث.

المميز يعمل عمل الفعل، ولا يعمل إلا في نكرة، لأنه أنقص مرتبة من الصفة، وإنما هو مشبه به، لأن التنوين، أو تقدير التنوين، أو النون يمنعه الإضافة كما يمنع الفاعل المفعول أن يشتغل به الفعل، وفي جملة الكلام عليه دليل، كما في الفعل دليل على المفعول، فنصب لمضارعته المفعول.

وقال أبو بكر بن الخياط في قول الشاعر:

(لتقربن قرباً جلذياً)

قال: جلذيا يصلح أن يكون نعتاً للقرب، ومعناه الشديد كما قال العجاج:

(فالخِمس والخِمس بها جُلذي)

أي شديد. ويقال: جلذية اسم ناقته، فأبدل من الهاء ألفاً في الوقف. أراد جلذية على الترخيم.

مسألة:

قال أبو العباس: الفرق بين ضربت زيداً وزيد ضربته، أنك إذا قلت ضربت زيداً، فإنما أردت أن تخبر عن نفسك، وتثبت أين وقع فعلك. وإذا

قلت زيد ضربته، فإنما أردت أن تخبر عن زيد.

مسألة:

قال أبو العباس: لا أجيز زيد ضربت، وأجيز إن زيداً ضربت، لأنه لا تجد بداً من الإضمار إذا نصبت “زيداً” بإن.

مسألة:

قال أبو العباس: إذا قلت كنت أخاك، فمعناه أشبهت أخاك. وإذا قلت: لست أخاك، فمعناه باينت أخاك.

مسألة:

قال: الاثنان أول الجمع (بدليل) قوله تعالى: ﴿ فإن كن نساءً فوق اثنتين ﴾ أي إن كان جمع فوق هذا؛ فله مثل الجمع الأول، وهو الاثنتان.

مسألة:

قال أبو القاسم: إنما ذِكر سيبويه اختلاف الألفاظ لاختلاف المعاني، حجةٌ

لاختلاف الإعراب للمعاني، كما خالفوا بين الألفاظ للمعاني نحو: ذهب وجلس كذلك أكرمني أخوك، وأكرمت أخاك. هما يختلفان. وكذلك فرّق بين الفاعل والمفعول به، والمضاف والمضاف إليه في الإعراب، إذ اختلفت معانيهن.

فصل من تعاليقه:

– قال أبو (القاسم) عبد الرحمن: (قيل للأخفش): كيف جاز أن تقول هذا يوم يخرج، فتضيف أسماء الأزمنة إلى الأفعال؟ فقال: لأن الأزمنة كلها يجوز أن تكون ظروفاً، فالظروف أضعف من سائر الأسماء، فعوّضوها الإضافة إلى الأفعال.

– قال أبو الحسن الأخفش: جعل سيبويه الإعراب ثبات النون وحذفها، جعل النون إعراباً بغير حرف إعراب، وجعل الألف علامة للفاعلين. وهذا رديء، ولكن النون عندي تدل على الرفع، وحذفها يدل على النصب والجزم.

– الشُّكد العطية ابتداءً. فإن كان مجازاة فهم شُكم.

– قال أبو عبيدة: تواضعت سُور المدينة إنما أنّث لأنه جمع سورة، يقال سورة البناء للقطعة منها، والجمع سُوْر، كما قال دُرة ودرّ، وقيل في جمع سورة

القرآن: سُوَر، للفرق بينهما، كما قيل: غرفة وغرف وظلمة وظلَم. وقال العجاج في جمع سور:

(ورب ذي سُرادق محجور … سرت إليه من أعالي السُّور)

– وقال في وقله:

(أستغفر الله ذنباً لست محصيه … رب العباد إليه القول والعمل)

قال بعضهم: نصب ذنباً بفقدان الخافض. وهذا خطأ، لأنه لو كان فقدان الخافض ينصب، كان ينصب في كل حال، وليس نجد ذلك، كقولك: حسبك بزيد. ثم تقول: حسبك زيد، فلو كان فقدان الخافض ينصب ما ارتفع زيد. وإنما ينتصب لأنه لما ذهب حرف الجر تعدى الفعل فعمل فيه.

اضغط على أيقونة رابط قناتنا على التليجرام

ترك تعليق