كلمة أجرم أو الإجرام
كلمة (أجرَم أو الإجرام، أو المجرم، أو المجرمون، أو الجرائم أو الجريمة) – هي من الكلمات التي تقود الإنسان بتأمُّلها والتفكر فيها إلى علمٍ ومعرفة تحاكي وتوثق من خلال نُطقَها وسماعها لخلق الإنسان وميزاته وطبائعه، وكأن تلك الكلمة بانسيابها من لسان الإنسان شهِدت ووثقت خصائصَ وميزات إنسانية، بذلك قد يكون أو يعتبر أن الإنسان قد علِمها وسجَّلها في قاموس معارفه وعلومه.
والإجرام باعتباره ذلك الفعل أو العمل المشين الذي تُنكره وترفضه الفطرة الإنسانية قاطبةً، بل إنها سعت إلى إرساء منظومة رادعة تشرِّع وتؤسِّس لعقاب كلٍّ من يرتكب الجرائم، في إجماع يدفع إلى التفكر والتأمل، فالإنسانية تدين الظلم والاعتداء والشر والاستكبار والجهالة، بل كل فعل أو عملٍ يقطع مع الفطرة الإنسانية الخيرة والأعمال الطيبة المحبوبة والمرغوبة من بني الإنسان، وتَمقت إتيانَ تلك الأعمال الإجرامية، وتستنكرها وترفض الإصرار عليها والمجاهرة بها.
موضوعات ذات صلة:
- الفرق بين نيّف ونيْف
- المَعْرِض وليس المَعْرَض
- الأَوْدِيَة لاَ الوِدْيَان
- بين الظل والفيء
- ما الصواب: قاضٍ أم قاضي؟
إذًا فالجريمة أو الفعل الإجرامي هو فعل منبوذٌ مرفوض من بني الإنسان مهما كانت أشكاله ودرجاته، ومقياسُ ذلك وضابطه فطرةُ الإنسان، ذلك المنهج الإنساني الكامن في دواخل الإنسان وأسرار خلقه، فالمجرم إذا أجرَم إنما هو خالَف وعصى وتمرَّد وقطع مع فطرته، وأنكر المنهج القِيَمي الذي تُمليه عليه فطرتُه وطبعُه، وسعى إلى كفره وتغطيته.
وما يجدر ذكرُه في إطار هذا السياق الذي أعتقد أنه من الأهمية بمكان – من حيث ضرورة التوقف عنده وتأمُّله التأملَ العقلاني والمنطقي – هو أن الديانات السماوية أكدت رفضها للإجرام، وحذَّرت من بؤس المصير، فمثلًا ديانة أو دين الإسلام ورَد في صُلب رسالتها – أقصد القرآن الكريم – عديدُ التوجيهات والتحذيرات من مغبَّة فعل الإجرام والاعتداء، فنجد مثلًا الآتي:
إن الله لا يحب الظالمين، لا يحب المعتدين، لا يُحب كلَّ مختالٍ فخور أثيم، لا يحب الجهر بالسوء من القول، لا يحب الفساد لا يحب المفسدين، لا يحب المسرفين لا يحب الخائنين، لا يحب المستكبرين، لذلك وجب على الإنسان أن يسعى إلى تحرير وتنقية أعماله من كل فعل مشين مُجرم مهما كانت درجاته، وأن يكون سلوكُه وعمله – ذلك الذي تُمليه عليه فطرتُه – خيرًا ومحبة وتسامحًا، ففي ذلك خلاص الإنسانية وسعادتها.