س وج على شرح المقدمة الآجرومية (12/44)
أسئلة على علامات النصب، وعلى الفتحة ومواضعها

س107: كم للنَّصْب من علامة؟

الجواب: للنصب خمسُ علامات، هي: الفتحة، والألف، والكسرة، والياء، وحذف النون.

والذي دلَّ عليها: التتبُّع والاستقراء؛ لأنَّ علماء العربية – رحمهم الله – تتبَّعوا كلام العرب، فوجَدوا أنَّ علاماتِ النصب لا تخرج عن هذه الأشياء الخمسة؛ الفتحةِ، وهي الأصل، والباقي نيابة عنها.

•  •  •  •

س108: لماذا ثنَّى المؤلِّف بالألف بعدَ الفتحة على الرغم مِن كون العلامات الأربع كلها نائبةً عن الفتحة؟

الجواب: قدَّم – رحمه الله – الألِف على غيرها مِن العلامات الفرعية؛ لأنَّ الفتحة إذا أشبعت تولَّد منها الألف، فإذا قلت: زيدَا، ومددْت صارتْ الفتحة ألفًا.

قال الشيخ حسن الكفراوي في شرْحه للآجرومية (ص29):

وذكر الألف بعدَ الفتحة، لكونها بِنتَها، تنشأ عنها إذا أُشْبِعت ا. هـ.

•  •  •  •

س109: في كم موضِع تكون الفتحةُ علامةً على النصب؟

الجواب: تكون الفتحةُ علامةً على أنَّ الكلمة منصوبةٌ في ثلاثة مواضع:

الموضع الأول: الاسم المفرد.

والموضع الثاني: جمْع التكسير.

والموضع الثالث: الفِعل المضارع الذي سبقَه ناصب، ولم يتصلْ بآخِرِه شيء.

وسَبَق أنْ قُلنا: إنَّ المراد بقوله: شيء، خمسة أشياء، هي: ألف الاثنين، وياء المخاطَبة المؤنَّثة، وواو الجماعة، ونون التوكيد الخفيفة والثقيلة، ونون النِّسوة.

موضوعات ذات صلة:

•  •  •  •

س110: مَثِّل للاسم المفرَدِ المنصوب بأربعة أمثِلة: أحدها: للاسم المفرد المذكَّر المنصوب بالفتحة الظاهِرة، وثانيها: للاسم المفرَد المذكَّر المنصوب بفتحة مُقدَّرة، وثالثها: للاسم المفرد المؤنث المنصوب بالفتحة الظاهِرة، ورابعها: للاسم المفرد المؤنَّث المنصوب بالفتحة المُقدَّرة.

الجواب:

أولاً: مِثال الاسم المذكَّر المنصوب بالفتحة الظاهِرة: قوله – تعالى -: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا﴾ [آل عمران: 177].

الشاهِد من الآية: قوله سبحانه:﴿الكُفْرَ﴾. فهو اسمٌ مفرد مذكَّر منصوبٌ بالفتحة الظاهرة.

ثانيًا: مثال الاسم المفرد المذكَّر المنصوب بفتحة مُقدَّرة: قوله – تعالى -: ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ [البقرة: 87].

الشاهد من الآية: قوله – عزَّ وجلَّ -: ﴿عيسى﴾، فهو اسم مفرد مذكَّر منصوب بفتحةٍ مُقدَّرة، منَع مِن ظهورها التعذُّر.

ثالثًا: مثال الاسم المفرَد المؤنَّث المنصوب بالفتحة الظاهِرة: قوله – تعالى -: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ﴾ [الأحزاب: 72].

الشاهِد من الآية: قوله – تعالى -: ﴿الأمانة﴾، فهي اسمٌ مفرَد مؤنَّث منصوب بالفتحة الظاهرة.

رابعًا: مثال الاسم المفرد المؤنَّث المنصوب بالفتحة المُقدَّرة: قوله – تعالى -: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [القصص: 16].

الشاهِد في الآية: قوله – تعالى -: ﴿نَفْسِي﴾، فهي مفرَد مؤنَّث منصوب بالفتحة المقدَّرة، منَع من ظهورها اشتغالُ المحل بحرَكة المناسبة.

•  •  •  •

س111: مَثِّل لجمع التكسير المنصوبِ بأربعة أمثلِة مختلفة؟

الجواب:

المثال الأول: قال – تعالى -: ﴿قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ﴾ [يونس: 21].

فقوله سبحانه: ﴿رُسُلَنَا﴾ مثال على جمْع التكسير المنصوب بفتحة ظاهِرة، ومفرده مذكَّر “رسول”.

المثال الثاني: قال – تعالى -: ﴿وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى﴾ [الحج: 2].

فقوله سبحانه: ﴿سُكَارَى﴾ مثال على جمْع التكسير المنصوب بفتحة مقدَّرة، ومفرده مذكَّر “سكران”.

المثال الثالث: قوله – تعالى -: ﴿فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا﴾ [النمل: 60].

فقوله – عزَّ وجلَّ -: ﴿شَجَرَهَا﴾ مثال على جمْع التكسير المنصوب بفتحة ظاهِرة، ومفرده مؤنَّث “شجرة”.

المثال الرابع: بعثت نِسائي إلى المسجد ليتعلمْنَ.

فـ“نسائي” مثال على جمْع التكسير المنصوب بفتحة مُقدَّرة، ومفرده مؤنَّث “امرأة”.

•  •  •  •

س112: متى يُنصَب الفعل المضارع بالفَتْحة؟

الجواب: يُنصب الفعل المضارع بالفتحة بشرطين:

الشرط الأول: إذا دخَل عليه ناصبٌ، وهذا الشرط لا بدَّ منه؛ لأنَّه لا يمكن أن يُنصب الفعل المضارع إلا إذا دخَل عليه ناصب.

الشرط الثاني: ألا يتَّصلْ بآخِرِه شيء، ويُريد بالشيء: نوني التوكيد والنِّسوة، وألِف الاثنين، وواو الجماعة، وياء المخاطَبة المؤنَّثة.

فإنِ اتصل الفعلُ المضارع بواحدٍ مِن هذه الخمسة، لم يُنصبْ بالفتحة، وإن سبقَه ناصب.

فإنه إن اتَّصل بنون التوكيد الخفيفة أو الثقيلة اتصالاً مباشرًا، بُنِي على الفتح، وإن سبَقَه ناصب.

وإنِ اتَّصل بنون النِّسوة، بني على السكون، وإن سبَقَه ناصب.

وإنِ اتَّصل بألِف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطَبة المؤنَّثة، وسبَقَه ناصبٌ، فإنه يُنصب بحَذْف النون لا بالفتحة، والله أعلم.

•  •  •  •

س113: مَثِّل للفعل المضارع المنصوب بمثالين مختلفين؟

الجواب:

المثال الأول: قوله – تعالى -: ﴿قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ﴾ [طه: 91].

فـ ﴿نبرحَ﴾ فعل مضارع منصوب بـ ﴿لَنْ﴾، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

المثال الثاني: قوله – تعالى -: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: 233]، فـ﴿يُتِمَّ﴾ فعل مضارع منصوب بـ﴿أَنْ﴾، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

•  •  •  •

س114: بماذا يُنصَب الفعل المضارِع الذي اتَّصل به ألف الاثنين؟

الجواب: يُنصب الفعل المضارع الذي اتَّصل به ألِف الاثنين بحذْف النون.

•  •  •  •

س115: إذا اتَّصل بآخرِ الفعل المضارع المسبوق بناصب نونُ توكيد، فما حُكمه؟

الجواب: يُبنَى على الفتْح، في محل نصب.

•  •  •  •

س116: مَثِّل للفعل المضارِع الذي اتَّصل بآخره نون النِّسوة، وسبقَه ناصب، مع بيان حُكمه؟

الجواب: مثال الفِعل المضارع الذي اتَّصل بآخره نون النسوة وسبَقَه ناصب: قوله – تعالى -: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ﴾ [البقرة: 228].

فالفعل “يكتُمْنَ” فعل مضارع اتَّصل بآخره نونُ النِّسوة، وسبقه ناصب “أن”.

وحُكمه: أن يُبنى على السكون في محلِّ نصب.

•  •  •  •

س117: أيقول القائل: أكرمتُ الطلبةَ، أم الطلبةِ، أم الطلبةُ؟

الجواب: الصحيح: الطلبةَ.

ولماذا نصبْناها بالفَتْحة؟

الجواب: لأنَّها جمْعُ تكسير.

وما الذي أعلمنا أنها جمْعُ تكسير؟

الجواب: تَغيُّر حالِ مفردها.

وما هو مفردها؟

الجواب: الطالِب.

•  •  •  •

س118: إذا قلنا: أكرمتُ الطالب، فكيف تُحرِّك الباء من كلمة “الطالب” هل تقول: الطالبُ، أم الطالبَ؟ ولماذا؟

الجواب: الطالبَ، بالنصب؛ لأنَّه مفعول به، وهو اسمٌ مفرَد، والاسم المفرَد يُنصب بالفتحة.

•  •  •  •

س119: استعمل الكلمات الآتية في جمل مفيدة، بحيث تكون منصوبةً؟

الحقل، الزَّهْرة، الطلاَّب، الأُكْرَة[1]، الحديقة، النهر، الكتاب، البستان، القلم، الفرس، الغلمان، العَذارى [2]، العصا، الهُدى، يشرب، يرضَى، يَرْتَجي، تسافر.

الجواب:

الحقل: زَرَع أبي الحقلَ قمحًا.
الزهرة: قَطَف الولدُ الزهرةَ مِن البستانِ.
الطلاب: ما أحسنَ طلاَّبَ العلمِ الشرعي!
الأُكْرَة: تركنا الأُكْرَة في الملْعَب، وذهبْنا نُصلِّي.

الحديقة: رأيتُ الحديقةَ مثمرةً.

النهر: قال – تعالى -: ﴿وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا﴾ [الكهف: 33].
الكتاب: قال – تعالى -: ﴿وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا﴾ [الإسراء: 13].
البستان: رأيتُ البستانَ في الصباح مليئًا بالأشجار.

القلم: إنَّ القلمَ أداةٌ لنشْر الحق والعدْل بين الناس.

الفَرَس: رأيتُ الفَرسَ في الإسطبل.

الغلمان: رأيتُ الغلمان يلعبون بالكُرة.

العَذَارى: ما أحسنَ العذارى إذا اتقين الله!

العصا: رأيتُ العصا في يدِ الساحرِ تهتزُّ.

الهُدى: قال – تعالى -: ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى﴾ [البقرة: 120].

يشرب: لا أَوَدُّ أن يشرب محمَّد الدواء ثانية.

يرضَى: قال – تعالى -: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ [البقرة: 120].

يَرتجي: إنَّ محمدًا يَرْتجِي الخيرَ من ربِّه.

تُسافر: لا يحلُّ لك أن تُسافِرَ إلى بلاد الكفَّار إلا بشروط [3].

س120: ضعْ في كل مكان مِن الأمكنة الخالية في العبارات الآتية اسمًا مناسبًا منصوبًا بالفتحة الظاهرة، واضبطه بالشكل؟

(أ) إنَّ…. يعطفون على أبنائهم.

(ب) أطِع…. لأنَّه يهذبك ويثقفك.

(ج) احترمْ… لأنها ربَّتْك.

(د) ذاكر…. قبل أن تحضرها.

(هـ) أدِّ….. فإنَّك بهذا تخدم وطنك.

(و) كُن… فإنَّ الجبن لا يؤخِّر الأجل.

(ز) الْزم… فإنَّ الهذر[4] عيب.

(ح) احفظْ… عن التكلم في الناس.

(ط) إنَّ الرجل… هو الذي يؤدِّي واجبه.

(ي) مَن أطاع…. أوردَه المهالك.

(ك) اعمل… ولو في غيرِ أهله.

(ل) أحسن… يرضَ عنك الله.

الجواب:

(أ) الآباءَ.

(ب) معلِّمَك.

(ج) أمَّك.

(د) دُروسَك.

(هـ) واجبَك.

(و) شجاعًا.

(ز) الأدبَ.

(ح) لسانَك.

(ط) المسلمَ.

(ي) الشيطانَ.

(ك) الخيرَ.

(ل) عملَك.


[1] الأُكْرَةُ – بالضم – لُغَيَّةٌ في الكُرَة، والحُفرة يجتمع فيها الماء، فيغرف صافيًا. القاموس المحيط (أ ك ر).

[2] العَذارى: جمْع عذراء، وهي البِكْر، المعجم الوسيط (ع ذ ر).

[3] اعلم – رحمك الله – أنه إذا كان الإنسان مِن أهل الإسلام، ومِن بلاد المسلمين، فإنه لا يجوز له أن يُسافر إلى بلدِ الكفر؛ لما في ذلك من الخَطَر على دينه وعلى أخلاقه، ولما في ذلك من إضاعة ماله، ولما في ذلك من تقوية اقتصاد الكفَّار، ونحن مأمورون بأن نَغيظَ الكفار بكلِّ ما نستطيع، كما قال – تبارك وتعالى -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: 123]، وقال تعالى: ﴿وَلَا يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [التوبة: 120].

فالكافر أيًّا كان، سواء كان من النصارى أو من اليهود أو مِن الملحِدين، وسواء تسمَّى بالإسلام، أم لم يتسمَّ بالإسلام، الكافِر عدوٌّ لله ولكتابه ولرسوله وللمؤمنين جميعًا، مهما تلبَّس بما يتلبس به فإنَّه عدو، فلا يجوز للإنسان أن يسافر إلى بلدِ الكفر إلا بشروط ثلاثة:

الشرط الأول:

أن يكون عنده عِلم يدفَع به الشبهات؛ لأنَّ الكفار يُوردون على المسلمين شُبهًا في دِينهم، وفي رسولهم، وفي كتابهم، وفي أخلاقهم، وفي كل شيء يُوردون الشبهة؛ ليبقى الإنسان شاكًّا متذبذبًا، ومن المعلوم أن الإنسان إذا شكَّ في الأمور التي يجب فيها اليقين، فإنَّه لم يقمْ بالواجب، فالإيمان بالله وملائكته وكُتبه ورسله واليوم الآخِر والقَدَر خيرِه وشرِّه يجب أن يكون يقينًا، فإن شكَّ الإنسان في شيءٍ من ذلك، فهو كافِر.

فالكفار يُدخِلون على المسلمين الشك، حتى إنَّ بعض زعمائهم صرَّح قائلاً: لا تحاولوا أن تخرجوا المسلم من دِينه إلى دين النصارى، ولكن يَكفي أن تُشكِّكوه في دينه؛ لأنكم إذا شككتموه في دِينه سلبتموه الدين، وهذا كافٍ.

أنتم أخْرجوه من هذه الحظيرة التي فيها العِزَّة والغلبة والكرامة، ويَكفي، أما أن تحاولوا أن تُدخِلوه في دين النصارى المبني على الضلال والسفاهة، فهذا لا يمكن؛ لأنَّ النصارى ضالون كما جاءَ في الحديث عن الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اليهود مغضوبٌ عليهم، والنصارَى ضُلاَّل)وإن كان دِين المسيح دينَ حقٍّ، لكنه دينُ الحق في وقتِه قبلَ أن يُنسخ برسالة النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم.

الشرط الثاني:

أن يكون عندَه دِين يحميه مِن الشهوات؛ لأنَّ الإنسان الذي ليس عنده دِين إذا ذهب إلى بلاد الكفر انغمس؛ لأنه يجد زهرةَ الدنيا هناك؛ مِن خمر وزِنا ولواط، وغير ذلك.

الشرط الثالث:

أن يكونَ محتاجًا إلى مثل ذلك، مثل أن يكون مريضًا، يحتاج إلى السَّفَر إلى بلادِ الكفر للاستشفاء، أو يكون محتاجًا إلى عِلم لا يوجد في بلادِ الإسلام تخصّص فيه، فيذهب إلى هناك، أو يكون الإنسان محتاجًا إلى تجارة، يذهب ويتَّجر ويرجع، المهم أن يكون هناك حاجة؛ ولهذا يرى كثيرٌ من العلماء أن الذين يسافرون إلى بلد الكفر من أجلِ السياحة فقط – يرَوْن أنهم آثمون، وأنَّ كل جنيه يصرفونه لهذا السفر فإنَّه حرام عليهم وإضاعة لمالهم، وسيُحاسبون عنه يوم القيامة حين لا يَجدون مكانًا يتفسَّحون فيه، أو يتنـزهون فيه، حين لا يجدون إلا أعمالهم؛ لأنَّ هؤلاء يُضيِّعون أوقاتهم، ويُتلفون أموالَهم، ويفسدون أخلاقَهم، وكذلك ربما يكون معهم عوائِلُهم، ومن العجبِ أنَّ هؤلاء يذهبون إلى بلادِ الكفر التي لا يُسمع فيها صوتُ مؤذن ولا ذِكر ذاكر، وإنما يسمع فيها أبواقُ اليهود ونواقيس النصارى، ثم يَبقُون فيها مدَّة هم وأهلوهم وبنوهم وبناتهم، فيحصل في هذا شرٌّ كثير – نسأل الله العافية والسلامة.

وبإمكانِ الإنسان المسلم أن يذهب إلى بلاد إسلامية يحافظ أهلُها على شعائرِ الإسلام، ويَقضي زمن إجازته فيها.

والسَّفر إلى بلاد الكفر للدعوةِ يجوز إذا كان له أثرٌ وتأثير هناك؛ لأنَّه سفرٌ لمصلحة، وبلاد الكفر كثير مِن عوامهم قد عُمِّى عليهم الإسلام، لا يَدرون عن الإسلام شيئًا، بل قد ضُلِّلوا، وقيل لهم: إنَّ الإسلام دين وحشية وهمجية ورعاع، ولا سيَّما إذا سمع الغربُ هذه الحوادث التي جرَت على يد أناس يقولون: إنهم مسلمون، سيقولون: أينَ الإسلام؟ هذه وحشية! فينفرون من الإسلام بسببِ المسلمين وأفعالهم، نسأل الله أن يَهديَنا أجمعين، وانظر فتاوى العقيدة لابن عثيمين – رحمه الله – (ص 237، 238).

[4] الهذر: سقط الكلام. المعجم الوسيط (هـ ذ ر)