تعريف الاستعارة
والفرق بينها وبين التشبيه

معنى الاستعارة:

الاستعارة: هي أن تدعي دخول الاسم الأصلي في جنس المستعار، وتعدَّه كأنه واحدٌ من أفراده، ومن ثم تستغني عن ذكره؛ مثال ذلك: أن تقول رأيتُ أسدًا، وأنت تقصد الرجل الشجاع، مدعيًا أنه من جنس الأسود، فتُثبت للرجل الشجاع اسمَ الأسد، وتُفرد اسمَ الأسد بالذكر، ولا تذكر معه الرجل، فكأنه واحدٌ من جنس الأسود.

والفرق بين التشبيه وبين الاستعارة أنك في التشبيه تذكُر الاسم الأصلي مع الاسم الذي تريد تشبيهه به، فتقول: رأيتُ رجلًا كالأسد في الشجاعة، ورأيتُ وجهًا كالبدر، وفلان كالبحر في الجود، وهكذا، وفي كل هذه الأمثلة فإنك في التشبيه تقرن الاسم الأصلي إلى الاسم الذي تُريد تشبيهه به، وتربط بينهما بحرف التشبيه الكاف، فتقرن الرجل مع الأسد، والوجه مع الشمس، وتأتي بحرف التشبيه الكاف؛ لتربط بينهما، وأما في الاستعارة فإنك تدَّعي أن الاسم الأصلي هو واحد من أفراد الاسم المستعار، ومن ثم تستغني عن ذكره بذكر اسم جنسه، فتقول: رأيتُ أسدًا، وأنت تقصد الرجل الشجاع، مُدَّعيًا أنه من جملة الأسود، ومن ثم تستغني بذكر اسم الأسد عن ذكر الرجل مدعيًا أنه داخل في حقيقة الأسد وفرد من أفراده[1].

وقد لا تذكر الاسم المستعار؛ ولكن تأتي بشيء يخُصُّه، مثل أن تقول: “أنشبت المنيَّةُ مخالبها”، فتثبت للمنية صورة السبُع باستعارة شيء يخُصُّه وهي المخالب.

وسُمِّي هذا النوع من المجاز استعارة؛ لوجود تناسُب بينه وبين الاستعارة الحقيقية؛ لأننا متى ادَّعينا كون الاسم الأصلي داخلًا في حقيقة الاسم المستعار، وفردًا من أفراده، ظهر بصورته، واكتسى هيئته، فالشجاع حال دعوى كونه فردًا من أفراد حقيقة الأسد يكتسي اسم الأسد وصورته المخصوصة، والمنية حال دعوى كونها داخلة في حقيقة السبع إذا أثبت لها مخلبًا أو نابًا ظهرت مع ذلك في صورة السبع، وهذا هو شأن العارية مع المستعير[2].

الفرق بين الاستعارة والتشبيه:

أورد الجرجاني حالتَينِ للمشابهة يمكن من خلالهما تمييز الاستعارة عن التشبيه، وهي كالتالي:

الأولى: أن تسقط ذكر المشبه حتى لا يعلم من ظاهر الحال أنك أرَدْتَه؛ وذلك أن تقول: “عنت لنا ظبية”، وأنت تريد امرأة، و”وردنا البحر”، وأنت تريد الممدوح، فأنت في هذا الكلام إنما تعرف أن المتكلم لم يرد المعنى الموضوع له الاسم في اللغة بقرائن؛ كدليل الحال، أو بمقام السؤال، أو بفحوى الكلام، أو نحو ذلك، ولو لم توجد القرائن، لكان انصرف ذهنُكَ إلى حقيقة الاسم؛ وهو الحيوان أو البحر، ولم تفهم مراد القائل، وهذه الحالة هي حالة الاستعارة.

والحالة الثانية: أن تذكر كل واحد من المشبَّه والمشبَّه به؛ فتقول: “زيد أسد”، و”هند بدر”، وهذه الحالة لا يمكن أن ينصرف فيها ذهنك إلى الحقيقة الموضوع لها الاسم الثاني، وهي الأسد كحيوان؛ لأنه من المحال أن يكون الشيء رجلًا وأسدًا في نفس الوقت؛ وإنما يكون رجلًا بصفة الأسد، وهذه الحالة هي التشبيه[3].

 


[1] مفتاح العلوم، ص 320، والعمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، ج1، ص 429.

[2] مفتاح العلوم، ص320، بتهذيب واختصار.

[3] أسرار البلاغة، ص 320 – 322، باختصار وتهذيب.

ترك تعليق