كتبه: ابن القَطَّاع الصقلي
تحقيق: أ. د. أحمد محمد عبد الدايم

(باب الأفعال الرباعية)
فصل فعل في آخره ثلاثة أحرف من جنس واحد


قالوا ولم يجيء فعل في آخره ثلاثة أحرف من جنس واحد إلا حرفٌ واحد بغير ضمير وهو أبيضض وأنشدوا في ذلك:

* والزمى الخص واحفضى تبيضضى *

وقالوا: زان المرأة مههها، أي طراوتها ونضارتها: قالو الراجز:

* إن سليمى زانها مههها *

وقوله: شان الرجل فههه أي عِيَّه، اجتمع في هذين المصدرين ثلاث هاءات إحداهن هاء الضمير.
وكذلك قولهم وصصَّت المرأة وصصَّت إذا ضيقت النقاب. وأللت الشيء رققته، وأججت النار وأييت الإبل إذا زجرتها وعززت الرجل وعررت به،وعنن الرجل إذا صار عنينا وعددت الشيء وعللته بكذا وخففت عنه، وحببته إليه، وحللت الشيء، وحررت المملوك، وحققت الأمر وحصصت القوم أعطيتهم حصصهم، وخضضت فلاناً، وحممت الشيء سودته وجددته وشققت الثوب وقررت الأمر، وتكلله النسب، وسدد من السداد، وسدد من التشدد، وشررت الشيء بسطته وضللت الرجل من الضلال، وظللته من الظل ورددت الشيء وطففت الكيل، وذللت الأمر، ودققت النظر، وذففت على الجريح وبددت الشيء، وتممته، وزببت الشذقان صار فيهما زبيبتان من كثرة الكلام وتمززت الشراب، ومررت الطعام، ويممت فلانا، وتأفف من الكرب، وهددت الرجل وغصصته وخططت الكتاب، وتقززت الشيء، وتلذذ، وفككت الرهن. وكذلك كل فعل كانت عينه ولامه من حرف واحد إذا كثرت الفعل اجتمعت فيه ثلاثة أحرف من جنس واحد.
فأما شتت، الأمر وزَّتَّت الجارية زينتها، وما أشبهه، فإنه اجتمع فيه أربع تاءات بتاء المخبر عن نفسه.
وقالوا غالبني فغالبته وما أحببت أن أغلبه بضم اللام وضاربني فضربته وما أحببت أن أضربه، وكذلك شاربني وظارفني وغازاني تقول فيها ففعلته وماأحببت أن أفعله، فإذا كان الفعل من ذوات الياء كسر لا غير، لئلا تنقلب الياء واوا.
وليس في الكلام (فَعُول) مما آخره واو مشددة أصلها واو إلا عدو وفلو ونهو عن المنكر وناقة رغو وحسنوا وحلو من الحلوان، ومشوا وغدوا وهدو وفلو وفتو وتلو وعلو من العلو.
وليس في كلام العرب اسم ممدود وجمعه ممدود إلا حرف واحد، وهو داء وأدواء.
وليس في الكلام (فعل) بكسر الفاء وفتح العين من معتل العين اسم واحد لا جمع له إلا الحول، وهو التحول. والعول وهو من تعتمد عليه لا غير.
وليس في الكلام اسم ممدود جمع مقصوراً إلا (أحد وعشرون) حرفاً وهي صحراء وصحارى وغذراء وعذارى وصلفاء وصلافى، الأرض الغليظة، وخبراء وخبارى، الأرض الندية، وسبتاء وسباتى، الأرض الخشنة، ووحفاء ووحافى، أرض فيها حجارة، ونبخاء ونباخى، ونفخاء ونفاخى.
وليس في الكلام (فعلٌ) من ذوات الياء والواو يجمع على فعول إلا قولهم حليُ وحليَّ ووحى ووحي ودلو ودُلى ووى ووشِيٌّ ووسي ووسيى وثدي وثديُّ وحقوٌ وحقي.

ومن الجموع الغريبة قولهم: رجل غدرٌ والجمع غدوةٌ، وقالوا في جمع بُختى بخاتى، وأروية أراوى وهو غريب، وقالوا في جمع ذباب ذب، وفي جمع خَوْد خُودٌ، ورمح لدن ورماح لدن، وفرس ود والجمع وردٌ، وجون وجنون والصدق الصلب وجمعه صدقٌ، وأذنٌ حشرٌ أي رقيقة وءاذانٌ حُشرٌ، ورجل كث اللحية وقوم كث، ورجل ثَطُّ وقوم ثُطُّ، ورجل كَرُّ أي بخيل وقوم كُزُّ وهو غريب، وقالوا: وَثَنُ ووُثْنٌ، وأَسدٌ وأُسدٌ، وقالوا في جمع سعلاةٍ وعفرية سعالٍ وسعالى وعفارٍ وعفارى، وقالوا فرس عذوبٌ وجمعه عذوب وضَمورٌ والجمع ضُمورٌ وهو جمع عزيز، وقالوا خبيثٌ وخبثةٌ وخبثاء.
وليس في الكلام فعيل وفعلةٌ وفعلاء سواه.
وقالوا عودٌ خوارٌ أي ضعيف وجمعه خورٌ، وناقة خوار (رخوة) اللحم وجمعها خورٌ أيضاً، وقالوا نبيل ونبلٌ ونبلاء، وكريم وكرمٌ وكرماء، وقالوا رغيف ورغفٌ، وقضيبٌ وقضبٌ على فعلٍ، وقالوا عجفاء وعجافٌ وحسناء وحسانٌ، وليس في كلام العرب على هذا الجمع سواهما.

ولم يأت على (فعلى) جمعا (كذا) إلا حرفان: حجلى وظربى جمع حَجَل وظربانٍ، وحكى أبو الحسن أن دفلى تكون واحداً وجمعاً.
وجمعوا أيضاً على (فاعل) نحو جامل وباقر
وزعموا أيضاً أن حبارى واحد وجمع، وقالوا فارهٌ وفرهةٌ وقالوا إِهابٌ وأُهبٌ وأهبٌ، وقالوا عازبٌ وعزيب وغازٍ وغزىً، وقالوا أيلٌ بفتح الهمزة وكسر الياء للوعل وجمعه أيلٌ بكسر الهمزة، وقالوا في الواحد أيِّلٌ بضم الهمزة وأيلٍ بكسرها أيضاً، وقالوا في جمع إنسان أناسِيَةٌ وأناسِيَّةٌ وأناسين وكسروا فعالاً على فعال، فقالوا هجان للواحد وهجانٌ للجميع ومثله درعٌ دلاصٌ وأدرع دلاص، وكسروا فعلاً أيضاً على فعل قالوا الفلك للواحد والجمع وأتان وناقة واسق والجمع مواسقٌ للتي تحمل وسقاً، وقالوا غيورٌ وغِيَرٌ وغُيُرٌ. وقالوا في جمع شقذان وزفيانٍ وكروانٍ وأشباهها شقذانُ وزفيانٌ وكروانٌ، وقالوا في جمع عراعرٌ وهو السيدن وحلاحلٍ وقماقم وأشباهما عراعِر وحلاحل وقماقم، وقالوا دخان ودواخنٌ وغثانٌ وعواثنٌ، وقالوا: أعجفٌ وعجاف، وأبطحٌ وبطاحٌ، وأعصل وعصالٌ، وأجربٌ وجرابٌ.

ولم يأت على فعال في الجمع إلا قولهم ربي وربابٌ، وظئرٌ وظؤارٌ، وعرقٌ وعراق، وتوأم وتؤام، ورخل ورخالٌ ورخالٌ، وثنىٌ وثنىً وثناء. وفريزٌ وفرارٌ لولد الظبية، ونذلٌ ونذال، ورذل ورذال، وبسطٌ وبساط، الناقة الغزيرة لا غير. وقالوا: نفساء وعشراء والجمع نفاس وعشار.
وقالوا في جمع بلصوصٍ بلنصٌ وبلنصى وقالوا في جمع غراوى وهي الحوصلة غراوى وهو غريب.
وقالوا في جمع عبدٌ أعبدٌ وعبيدٌ وعبدٌ وعبدةٌ ومعبودى مقصور ومعبوداء ممدد، وعبدان وعبدانٌ وعبدانٌ وأعابد وعبدون وأعبدةٌ وأعبادٌ وعبودٌ وعبدٌ وعباد وعبدي مقصور وعبداء ممدود وعبادٌ وعبدة ومعبدة: جمعوه على واحد وعشرين وجهاً. وليس في الجموع أكثر منه.
وقرئ قول الله عز وجل {وعَبَدَ الطاغوت} على تسعة عشر وجهاً منها ما ذكرناه، وهو عَبَد قراءة أبو عمور على أنه فعل ماض نصب به (الطاغوت)، وقرئ {وعَبُد الطغوت} بفتح العين وضم الباء ورفع الطاغوت على أنه فاعل، ومعناه صار معبوداً كما نقول فقه الرجل وظرف أي صار فقيهاً وظريفاً.

والوجه الثالث قرئ {وعُبَّدَ الطاغوت} بضم العين وتشديد الباء وخفض الطاغوت، وهو جمع عابد كما تقول شاهد وشُهَّد، وهي قراءة ابن عباس. والوجه الرابع قرئ {وعَبَدَ الطاغوت} على لفظ الفعل الماضي وخفض الطاغوت وهو أيضاً جمع عابد وأصله عَبَدَةٌ ككافر وكَفَرَة حذفت منه الهاء.
والوجه الخامس قرئ {وعِابِدَ الطاغوت} مثل ضارب الرجل وهي قراءة ابن أبي زائدة. والوجه السادس {وَعُبُدَ الطاغوت} جمع عابد أيضاً، وقيل جمع عبودٍ، وهي قراءة يحيى بن وثاب وحمزة. وقيل جمع عبادٍ وعبيدٍ وعبدٍ كمثال ومثلٍ ورغيف ورُغُفٍ ورهن ورُهُنٍ.
والوجه السابع {وعُبِدَ الطاغوت} كما تقول ضُرِب الرجل، وهي قراءة أبي جعفر، والوجه الثامن قرأه بعض القراء {وعَبُدَ الطاغوت} بفتح العين وضم الباء وفتح الدال وخفض الطاغوت، ولا وجه له في العربية، وقيل عَبُدً واحد يدل على جامعة كما تقول حَدُثٌ المعنى وخادم الطاغوت، وقيل معناه خدم الطاغوت، قال: وليس هو بجمع لأن فعلاً لا يجمع على فعلٍ وإنما هو اسم بني على فعل مثل حَذُر.

وأما قول الشاعر:

أبني لبيني إن أمكم … أَمَة وإن أباكم عَبُدُ

قال الفراء: إنما ضم الباء ضرورة، وقرأ ابن مسعود {وعبدوا الطاغوت}، وقرأ أُبي بن كعب {وعبدة الطاغوت} وقرأ أبو واقد {وعُبَّاد الطاغوت}.
وقاروا سريٌّ وسراة وهو جمع عزيز لم يأت فعيلٌ على فعلةٍ سواه، وقالوا راع ورُعاة ورعاءٍ (ورُعَاءٌ) وءاسٍ وأساةٌ وإساءٌ لم يأت غيرهما.

وقد شذ مصدران من تفاعل، وقالوا: تفاوت الأمر تفاوَتاً وتفاوِتاً بفتح الواو وكسرها وهما نادران.
ومن المصادر الغريبة الشُّمأزيزة والطُمأنينة والقشعريرة والبلهنية والرفهنية والعنيية والوقهية، وقولهم: فرس غشمشم بين الغشمشمة والغشمشمية، أي المضاء والجرأة، وعنطنطٍ بين العنطنطة أي الطول.
ويجيء (المفعول بمعنى فاعل نحو حجاب مستور أي ساتر) ويجيء فاعل بمعنى مفعول نحو ماء دافق بمعنى مدفوق، وعيشة راضية بمعنى مرضية.
وليس في الكلام اسم على (يُفاعلاء) إلا حرف واحد قالوا ينابعاء اسم موضع، وجاء على أفعلاء حرف واحد قالوا: الأربعاء لعمود من أعمدة الخباء. وعلى (فعللانٍ) قالوا عقربان بتشديد الباء لدخل الأذن.
وليس في كلام العرب اسم على (فعيلٍ) إلا ثلاثة أحرف قالوا: ضهيد اسم موضع، ومدين اسم موضع أيضاً، وضهيأ للمرأة التي تحيض وليس في كلامهم (فعيلٌ) أيضاً إلا عليب اسم واد.

وليس في كلام العرب اسم في أوله ياءان إلا يين اسم بلد، وكل واو حلت رابعة انقلبت ياء نحو ملقى مدعىً إلا قولهم مذروان لطرفي الأليتين لم يقولوا فيها: مذريان؛ لأن العرب لم تفرد له واحدا، والمذروان أيضاً فوادا الرأس، يقال شاب مذروا، وكذلك أيضاً لم يفردوا في قولهم عقل بثنايين.
ولم يجيء مصدر على (فعفعيع) على رأي الفراء، و (فعليلٍ) على رأي سيبويه، و (فعفليلٍ) على رأي الخليل، إلا قولهم قرقر اقمريٌ قرقريراً، وجاء مصدر على (فعفعيلٍ) قالوا مرم مرمريراً. وجاء أيضاً مصدر على (فعلعيع) وقيل (فعمليل) وهو قولهم: غطمط الماء غطمطيطا، إلا أن الأول ثلاثي والثاني ثنائي فالثلاثي مشتق من الغطم وهو الكثير. والثنائي من الغط والغطيط وهو الهدير.
وقد جاء رباعٍ ورباعٌ ويمانٍ ويمانٌ وجوارٍ وجوارٌ وثمانٍ وثمانٌ وشناحٍ وشناح، والفرس الطويل.
ومن الشاذ قولهم بعيرٌ وشعير ولئيم وضعيف بكسر أوله؛ لأن ثانيه حرف حلق، ومن الشواذ قولهم: الطجع يريدون اضطجع، وقولهم: أَمْحَمْدُ لله، يريدونالحمد لله، يجعلون لام التعريف ميما. جاء في الحديث (ليس من أمبر امصيام في أمسفر) يريد: ليس من البر الصام في السفر، وهي الطمطمانية لِحِمْيَر، وآخرون يقولون: استخذ يريدون اتخذ، فيبدلون التاء سيناً كما قلبت السين تاء في ستة والأصل سدسة. وآخرون يقلبون كاف المؤنث شيئاً فيقولون: عليش وبش، أي عليك وبك، وهم بنو أسد وتميم. وقد قرئ {قد جعل ربش تحتش سريا}، وقيل: يصلون بالكاف شيناً نحو عليكش وهي الكشكشة، وآخرون يقلبونها سيناً وهم بكربن وائل، وهي الكسكسة. وآخرون يقلبون الهمزة عيناً فيقولون: أشهد عن محمداً رسول الله، يريدون أن، وهي العنعنة لتميم، وآخرون يقلبون الياء جيماً فيقولون جاءني علجٌ يريدون (علي)، قال الراجز:

* عمى عويف أبو علجً *

ويقولون: (هذا راعج خرج معج) يريدون راعى خرج معى، وهم قضاعة، وهي العجعجة، ومنهم من يقول: (أفعو وأفعى) في الوقف على الواو والياء، وامرأة حبلو وحبلى، يريدون أفعى وحبلى، ويقولون: (رجل جضدٌ) أي جلد يجعلون اللام مع الجيم ضاداً، وهي الغمغمة.
واللخلخانية في شحر عمان، يقولون: (مشى الله) يريدون (ماشاء الله).
وجاء على (تفعلية) حرف واحد قالوا: التقدمية، لأول الخيل، وقال يعقوب هي اليقدمية بالياء مفتوحة.
وجاء على (فعلية) حرف واحد، قالوا القدمية، وهي التقدم في الشرف والفضل.
وجاء على (مفعلى) قولهم: رجل مندبى للخفيف في الحاجةمن قولهم رجل ندبٌ.
وأما يستعور، فزعم قوم أنه شجر، وقيل: هو أرض بالمدينة وقيل هو الأرض البعيدة، وأنشد:
* فطاروا في البلاد اليستعور *
وقيل: هو الباطن، وقيل: هو الكساء يجعل على ظهر البعير.

اضغط على أيقونة رابط قناتنا على التليجرام

ترك تعليق