المؤلف: محمد عيد

العلاقة بين ما ينصرف وما لا ينصرف

يتفرع على هذا الباب المسائل الآتية:

أ‌- عودة الممنوع من الصرف للإعراب الأصلي

ب‌- صرف الممنوع من الصرف عند الحاجة

ت‌- منع صرف الأسماء المنصرفة عند الحاجة
العلاقة بين المنصرف وغير المنصرف:
لاحظ المجموعتين الآتيتين من الجمل:
الاستشهادُ في سبيل المبدأ رجولةٌ وشرفٌ “رجولةٌ، شرفٌ” منونتان مرفوعتان بالضمة
ويعيش الأحرارُ حياتهم رجولةً وشرفًا “رجولةً، شرفًا” منونتان منصوبتان بالفتحة
ويسقطون -حين موتهم- على رجولةٍ وشرفٍ “رجولةٍ، شرفٍ” منونتان مجرورتان بالكسرة
يقول الرسول: الساكتُ عن الحق شيطان أخرسُ “أخرسُ” غير منون، مرفوع بالضمة
ونقول، من تكلم فيما لا يعنيه كان إنسانًا أحمقَ “أحمق” غير منون، منصوب بالفتحة
والعاقل من لا يثرثر بحديث أحمقَ “أحمقَ” غير منون مجرور بالفتحةينبغي أولا أن يفهم المقصود من الكلمتين “منصرف، غير منصرف” فإن المنصرف هو الاسم المنون تنوين التمكن مثل “رجولة، شرف، قوة، عزة، أمين، عادل” وأما غير المنصرف فهو الاسم غير المنون -لأسباب سيأتي شرحها- مثل “أخرس، أحمق، معاوية، يزيد، أحمد، عمر، عثمان، ظمآن، ريَّان” والتنوين يقصد به علميا: نون ساكنة تلحق آخر الاسم لفظًا لا خطًّا، بمعنى أنها تنطق ولا تكتب.
إذا علم ذلك، فما هي العلاقة بين الاسم المنصرف والاسم الممنوع من الصرف؟ أو بعبارة أخرى: ما هي وجوه الموازنة بين الاثنين؟ إن ذلك يتلخص في الآتي:
أولا: يتفق المنصرف وغير المنصرف في شيئين:

1- أن كلا منهما يرفع بالضمة، تقول: “كان إبراهيمُ خليلَ الله، وكان محمدٌ خاتمَ الأنبياء”.

2- أن كلا منهما ينصب بالفتحة، تقول: “بعث الله إبراهيمَ ومحمدًا لهداية الناس”.
ثانيا: يفترق المنصرف وغير المنصرف في شيئين:

1- أن المنصرف منون، وغير المنصرف لا ينون، مثل: “محمد” و “إبراهيم”.

2- أن المنصرف يجر بالكسرة على الأصل، وغير المنصرف يجر بالفتحة على خلاف الأصل، تقول: “يرجع نَسَبُ محمدٍ إلى إبراهيمَ عليهما السلام”.
صفات ما يمنع الصرف:
تتدرج هذه الصفات -بصورة عامة- تحت صنفين رئيسين:
الصنف الأول: ما يمنع من الصرف لوجود صفة واحدة فيه
الصنف الثاني: ما يمنع من الصرف لوجود صفتين فيه
وكل من هذين الصنفين في حاجة إلى بيانه تفصيلا.

الصنف الأول: ما يمنع من الصرف لصفة واحدة.
ورد ذلك في اللغة في نوعين من الأسماء:
1- صيغة منتهى الجموع
لاحظ الأمثلة:
– مدائن، منائر، ستائر، قواعد، معالم، مساجد، نوادر، دعائم، كتائب، خنادق، بنادق، صواعق، مراوح.
– مصابيح، عصافير، أغاريد، أهازيج، تماثيل، أقاصيص، أكاذيب، مزاريق، مفاتيح.
يقصد بهذا الجمع علميا: كل جمع بعد الألف الدالة على الجمع فيه حرفان أو ثلاثة أحرف أوسطهما ساكن، والأول مثل “بنادق” والثاني مثل “عصافير” وإنما سمي هذا الجمع بهذه التسمية لسببين:
أولهما: أنه لا يمكن جمعه بعد ذلك، بخلاف “رجال” مثلا فإنه يمكن جمعه فيقال “رجالات” فهذا النوع من الجموع نهاية الجمع ولا جمع بعده.
وثانيهما: أنه جمع يأتي على صورة لا يمكن أن تتحقق في المفردات فلا يمكن أن نجد في المفردات كلمات مماثلة في وزنها للكلمات التي تأتي في هذا الجمع، فكأنما هو غاية الجموع؛ لتفرده بأوزانه الخاصة التي لا يشاركه المفرد فيها.
2- ألف التأنيث مقصورة وممدودة.
لاحظ الأمثلة:
– سلوى، ليلى، لُبْنى، سُعدى، ذِكْرى، بَرَدَى، قَتْلَى، جَرْحى، دعْوى، حرَّى.

– نجلاء، صحراء، بيداء، حمراء، خضراء، أثرياء، فقراء، يوم أربعاء وعاشوراء، قرفصاء، كبرياء، خيلاء.
فألف التأنيث المقصورة ما جاءت في آخر الاسم دالة على التأنيث مفتوحا ما قبلها مثل “بَرَدَى”.
وألف التأنيث الممدودة -في تصور النحاة- ألف في آخر الكلمة قبلها ألف، فنقلب الثانية همزة، مثل “صحراء” أصلها -في التصور الذهني- “صحراا” فقلبت الثانية همزة، ولهذا سميت ممدودة؛ لأنها في الحقيقة مع الألف السابقة عليها حرف مدّ طويل، تنطق مع امتداد النَّفَس. وهنا ينبغي التنبيه لأمرين فيما يتعلق بألف التأنيث الممدودة:
الأول: أن إطلاق ألف التأنيث عليها لا يتفق مع ما ورد في اللغة، فقد تكون في كلمة تدل على التأنيث مثل “نجلاء” وقد تأتي في كلمات لا دلالة فيها على التأنيث مثل “أطباء، أقرباء، أربعاء” فإطلاق “ألف التأنيث الممدودة” عليها مجرد اصطلاح في مقابل “ألف التأنيث المقصورة” ولا يراد منه حقيقة دلالته.
الثاني: أن الألف الممدودة المكونة من ألفين تنقلب الثانية فيهما همزة يجب لكي يكون الاسم معها ممنوعا من الصرف من توفر صفتين فيها:

1- أن تكون واردة بعد ثلاثة أحرف فصاعدا، فإن جاءت بعد اثنين صرفت الكلمة، مثل “رُغاءٌ، رِعاءٌ، بِناءٌ، نِداءٌ، رِداءٌ”.

2- أن تكون زائدة في الكلمة التي وردت فيها، فإن كانت أصلية أو منقلبة عن أصل صرفت الكلمة مثل “أعداءٌ، أسماءٌ، أبناءٌ، نداءٌ، رداءٌ”.
الصنف الثاني: ما يمنع من الصرف لصفتين
إحدى هاتين الصفتين دائما واحدة من اثنتين:

– العلمية: وذلك أن يكون الاسم دالا على ذات محدّدة، مثل: “عمر، عثمان، معاوية، عائشة، خديجة”.
– الوصفية: وذلك أن يكون الاسم دالا على معنى ينسب إلى غيره مثل: “عطشان، غضبان، أخضر، أصفر”.
لكن، يجب أن ينضم لكل واحدة من هاتين الصفتين السابقتين -العلمية أو الوصفية- صفة ثانية في الاسم الذي يمنع من الصرف، فالعلمية أو الوصفية بمفردها لا تمنع الاسم من الصرف، فوجود إحدى هاتين الصفتين -وإن كان ضروريا- لازم للمنع من الصرف، لكن إحداهما لا تستقل وحدها بهذا الأمر.
فليس كل ما كان علما أو صفة ممنوعا من الصرف، لوجود أعلام أو صفات -وهذا هو الأكثر في اللغة- منصرفة، مثل “محمد، خالد” علمين ومثل “قويّ، شجاع” صفتين.

المصدر: النحو المصفى

اضغط على أيقونة رابط قناتنا على التليجرام

ترك تعليق