‌‌مسألة [٣٢] قول العرب: أمت في حجر لا فيك

ومن ذلك قوله في هذا الباب:

إن قول العرب: أمت في حجر لا فيك، إنهم ابتدأوا بالنكرة على غير معنى المنصوب، وإنما هو شاذ ليس مثل سلام عليك، الذي فيه معنى الدعاء.

قال محمد: وهذا خلاف مذهب العرب، لأن المعنى جعل الله العوج في الحجر لا فيك، فهو على القياس وعلى معنى المنصوب المدعو به.

قال أحمد: ليس هذا على معنى الدعاء، لأن الدعاء لا وجه له في هذا الكلام، وذلك أنه نفى عنه العيب والسوء وجعله للحجر الذي هو أولى /٤٥/ بالعيب، ولو كان يدعو له بأن لا يجعل الله فيه العوج وأن يجعله للحجر لما كان مادحا له، وذلك أن الرجل إنما يمدح بما ثبت له، والدعاء فإنما هو للمستأنف لا لما ثبت. ومعنى هذا المثل، أعني قولهم: أمت في حجر لا فيك، كمعنى قول القائل: العيب لغيرك لا لك، وهذا كقولهم: العوج للحجر لا لك، فالعوج ثابت للحجر على كل حال ومنتف عن الرجل على وجه المدح لا على معنى الدعاء على الحجر بأن يعوج، وهو كذلك لا محالة، ولو كان على الدعاء لكان كلاما غير بليغ، ولا وجه له على ما ذكرنا، وإنما هو على المدح والتنزيه للرجل من العيب، فنفاه عنه تنزيها له، وجعله للحجر الذي هو موضعه.

المصدر: الانتصار لسيبويه على المبرد

ترك تعليق