الطاهر بن عاشور (المتوفى: 1393هـ)

هو محمد الطَّاهر بن محمد بن محمد الطَّاهر بن محمد بن محمد الشَّاذلي بن عبد القادر بن مَحمد (بفتح الميم) ابن عاشور، وُلِد في ضاحية المَرْسى، قرب العاصمة التونسيَّة، سنة 1296هـ = 1879م، ونشأ في رحاب العلم والجاه، تعلَّم القرآن الكريم في سنِّ السَّادسة، وحفظه على المقرئ الشيخ محمد الخياري، ثم حفظ مجموعةً من المتون، وتلقَّى قواعد العربيَّة على الشيخ أحمد بن بدر الكافي.

الطاهر بن عاشور (المتوفى: 1393هـ)

وكتابه (تحرير المعنى السديد، وتنوير العقل الجديد، من تفسير الكتاب المجيد) المشتهر بـ(التحرير والتنوير)

هو محمد الطَّاهر بن محمد بن محمد الطَّاهر بن محمد بن محمد الشَّاذلي بن عبد القادر بن مَحمد (بفتح الميم) ابن عاشور، وُلِد في ضاحية المَرْسى، قرب العاصمة التونسيَّة، سنة 1296هـ = 1879م، ونشأ في رحاب العلم والجاه، تعلَّم القرآن الكريم في سنِّ السَّادسة، وحفظه على المقرئ الشيخ محمد الخياري، ثم حفظ مجموعةً من المتون، وتلقَّى قواعد العربيَّة على الشيخ أحمد بن بدر الكافي.

الْتحق الشابُّ محمد الطاهر بجامع الزيتونة سنة 1310هـ = 1893م، وقرأ فيه علوم القرآن والقراءات، والحديث، والفقه المالكي وأصوله، والفرائض، والسِّيرة، والتَّاريخ، والنَّحو واللُّغة، والأدب والبلاغة، وعلم المنطق، تحمَّل الطاهر بن عاشور العِلمَ عن أعيان علماء تونس وشيوخ جامع الزيتونة، ومنهم: الشيخ أحمد بن بدر الكافي، والشيخ أحمد جمال الدين، والعلامة الشيخ سالم بوحاجب، والفقيه المتكلِّم الشيخ عمر ابن الشيخ، وغيرهم الكثير. كما تعلم الفرنسيَّة على يد أستاذه الخاصِّ أحمد بن ونَّاس المحمودي.

عُيِّن الطاهر ابن عاشور (عام 1932) شيخًا للإسلام مالكيًّا، وكان من أعضاء المَجمعينِ العربيَّينِ في دمشق والقاهرة، له مُصنَّفات مطبوعة؛ من أشهرها (مقاصد الشريعة الإسلامية)، و(أصول النظام الاجتماعي في الإسلام)، و(التحرير والتنوير) في تفسير القرآن، و(الوقف وآثاره في الإسلام)، و(أصول الإنشاء والخطابة)، ونشر (ديوان بشاربن برد) محققًا. وكتَب كثيرًا في المجلَّات[1].

منهجه النحوي في التفسير:

يُعَدُّ تفسير التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور من التفاسير اللُّغوية الرائدة في عصره، ورافدًا من أهم روافد فَهم القرآن وتدبُّره من خلال المزاوجة بين النقل والعقل؛ فقد وظَّف فنون اللغة وأساليبها في تفسير القرآن، ورغم أن الشيخ ابن عاشور اعتنَى في تفسيره بمنهج المدرسة البيانية البلاغية التي تقوم على البيان والمعاني والبديع، وتتبُّع المعاني البلاغية، إلا أنه أيضًا اعتَنى بأوجه الإعراب، واختلاف النحاة، وترجيح ما يراه صوابًا، والاستدراك على المُفسِّرين والنحاة فيما فاتهم اعتناءً كبيرًا، ويفعل ذلك في الأوجه الصرفية أيضًا[2].

استدراكاته على النحاة:

للطاهر ابن عاشور استدراكات عديدة على النحاة، من ذلك:

1- استدراكه على جمهورِ النحاة والزمخشريِّ منْعَهم اعتبار (رحيم) من أمثلة المبالغة، في قول الله تعالى: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 3]، حيث اختار مذهب سيبويه، فقال: “وأما (الرحيم) فذهب سيبويه إلى أنه من أمثلة المبالغة، وهو باقٍ على دلالته على التعدي، وصاحب «الكشاف» والجمهور لم يُثبتوا في أمثلة المبالغة وزن (فَعيل)؛ فالرحيم عِندَهم صفة مشبَّهة أيضًا، مثل: مريض وسقيم، والمبالغة حاصلةٌ فيه على كلا الاعتبارين. والحق ما ذهب إليه سيبويه”[3].

2- استدراكه على جمهور النحاة -ومنهم المبرِّد- عدَمَ تجويزهم العطفَ على المجرور بدون إعادة الجار، عندَ تفسير قول الله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ﴾ [النساء: 1]، حيث قال: “والأرحام قرأه الجمهور بالنصب عطفًا على اسم الله. وقرأه حمزة بالجر عطفًا على الضمير المجرور؛ فعلَى قراءة الجمهور يكون الأرحام مأمورًا بتقواها على المعنى المصدري، أي: اتقائها، وهو على حذف مضاف، أي: اتقاء حقوقها؛ فهو من استعمال المشترك في معنييه، وعلى هذه القراءة فالآية ابتداء تشريع، وهو مما أشار إليه قوله تعالى: ﴿ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾.

وعلى قراءة حمزة يكون تعظيمًا لشأن الأرحام، أي: التي يسأل بعضُكم بعضًا بها، وذلك قول العرب: «ناشدتُك اللهَ والرحمَ»… وهو ظاهر محمل هذه الرواية، وإنْ أباه جمهورُ النحاة؛ استعظامًا لعطف الاسم على الضمير المجرور بدون إعادة الجار، حتى قال المبرِّد: «لو قرأ الإمام بهاته القراءة لأخذت نعْلي وخرجت من الصلاة»، وهذا مِن ضِيق العطَن، وغرور بأنَّ العربية منحصرةٌ فيما يعلمه، ولقد أصاب ابنُ مالك في تجويزه العطفَ على المجرور بدون إعادة الجار”[4].

الخاتمة:

في هذا البحث تحدث عن أشهر مَن صنَّفوا في التفسير وعُلوم القرآن، مِمَّن عُنوا بالمسائل النحوية في كتبهم، وكانت لهم نظرةٌ استدراكية على النحاة وبعض القواعد النحوية، مُبتدئًا بترجمة مُوجَزة عن المُفسِّر، ثم الحديث عن منهجه النحوي في تفسيره، وبيان بعض الاستدراكات له أو منهجه في الاستدراك على النحاة إجمالًا.

وتبين من خلال البحث الطرائق المختلفة التي نهجها المفسرون في استدراكاتهم على النحاة كلٌّ حسب توجهاته ومدرسته؛ فالفراء يُعَد أحد أعمدة المذهب الكوفي النحوي، وكتابُه (معاني القرآن) أهمَّ المصادر فيما ذهب إليه الكوفيون، كما انتهج في كثير من مسائل كتابه منهج التعليل في توجيه الإعراب، ولم يُهمل الفراء منهجَ مَن سبقه في الأخذ بالقياس في درْسه النحوي في كتاب المعاني، وكانت له عدة استدراكات على النحاة.

وأما الطبري فمن أبرز المؤثرات التي أثرت في طريقته في الاستدراك أنه كان يَعتدُّ بأصالة اللفظ القرآني؛ ولا يحتاج النص القرآني لتقدير محذوف من الكلام، وقد كان كوفيَّ المذهب؛ يستخدم مصطلحاتهم، ويميل إلى اختياراتهم، كما بنى كثيرًا من اختياراته النحوية على وجوه القراءات التي اختارها على قراءات أخرى، واستخدم منهجًا متميزًا في تفسيره، وهو الربط بين تفسير الآية والوجه الإعرابي لها، ما مكَّنه من الاستدراك على كثير من النحويين من المذهبين البصري والكوفي.

وأما الواحدي فكان يذكر أقوال البصريين والكوفيين في المسألة الواحدة، ويختار الأصوب في رأيه منهما، ولا يلتزم مدرسةً بعينها، وإن كانت نقوله عن البصريين أكثر؛ لأن أغلب الأئمة الذين أخذ عنهم من مشايخ البصرة.

وأما الرازي فقد اعتمَد على النحويين المفسِّرين، من أمثال الفراء، والزجاج، والفارسي، والواحدي، والزمخشري، وناقش أقوالهم مع إبداء رأيه، واستدراكه عليهم معتمدًا على منهجه العقلي، وأدلة النحْو من سماع، وقياس، وإجماع، واستصحاب الحال، والسَّبر والتقسيم.

وأما الطاهر بن عاشور فأبرز ما ميز استدراكاته أنه فهِم القرآن وتدبَّره من خلال المزاوجة بين النقل والعقل، ومع اعتنائه في تفسيره بمنهج المدرسة البيانية البلاغية، إلا أنه أيضًا اعتَنى بأوجه الإعراب، واختلاف النحاة، وترجيح ما يراه صوابًا، والاستدراك على المُفسِّرين والنحاة فيما فاتهم اعتناءً كبيرًا، ويفعل ذلك في الأوجه الصرفية أيضًا.


[1] يُنظر: الأعلام، للزركلي (6/174)، معجم المفسِّرين من صدر الإسلام وحتى العصر الحاضر، لعادل نويهض (1/541)، محمد الطاهر ابن عاشور علامة الفقه وأصوله والتفسير وعلومه، إياد خالد الطباع، الناشر: دار القلم – دمشق، الطبعة: الأولى، 1426 هـ – 2005 م.

[2] يُنظر: الاتجاه اللُّغوي في تفسير التحرير والتنوير، لمحمد نعمان حسن، مجلة القسم العربي، جامعة بنجاب، لاهور، باكستان، العدد الحادي والعشرون، 2014م. ومستويات التأويل اللغوي في تفسير التحرير والتنوير، -أطروحة دكتوراه لعباس أمين، كلية الآداب واللغات والفنون، جامعة جيالي ليباسن الجزائر، السنة الجامعية 2018 – 2019م.

[3] يُنظر: التحرير والتنوير، للطاهر بن عاشور (1/171).

[4] يُنظر: التحرير والتنوير، للطاهر بن عاشور (4/218).

ترك تعليق