أحوال الفعل المضارع
العوامل (2)

 

‌‌أحوال الفعل المضارع:

‌‌أولاً: رفع الفعل المضارع

الفِعْلُ المضارعُ إذا تجرَّدَ من حروفِ النَّصْب والجزْمِ التَّاليةِ فهو مرفوعٌ، نحو: ﴿يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ ﴾.

‌‌ثانياً: نصب الفعل المضارع

‌‌حروفه:

يُنْصَبُ الفِعْلُ المضارعُ بدخولِ حرفٍ من حروفِ النَّصْبِ المختصَّةِ به عليه، وهي أربعةٌ:

1- (لَنْ)، نحو: ﴿لَنْ نَبْرَحَ عليهِ عاكِفينَ ﴾.

2- (كَي)، وعلامةُ كونِها ناصبةً دخولُ اللَّامِ عليها لَفظاً أو تقديراً، نحو: ﴿لِكَيلا تَأْسَوْا ﴾، (لكَيلا يكونَ على المؤمنينَ حَرَجٌ}، وتقولُ: (جئتُكَ كيْ أْحَدِّثَكَ) أي: لكَيْ أُحدِّثَكَ.

وفَصْلُ (لا) بينَها وبينَ الفِعْلِ لا يُلْغي عمَلَها.

3- (إِذَنْ)، وتكونُ ناصبةً إذا توفَّرت لها الشُّروطُ التَّاليةُ:

[١] أن تأتيَ في صَدْرِ الكلامِ.

[٢] أن يكونَ الفِعْلُ بعْدَها لمعنى مُستقبَلٍ.

[٣] أن لا يُفْصَلَ بينَها وبينَ فِعْلِها بِفاصِلٍ، إلَّا أن يكونَ الفاصِلُ القَسَمَ.

نحو: (إِذَنْ أُكلِّمَكَ)، (إِذنْ واللَّهِ أزورَكَ).

لكنْ لو قالَ لكَ شخصٌ: (إنِّي أُحبُّكَ) تقولُ: (إذَنْ أظنُّكَ صادقاً) بفعلٍ مرفوعٍ؛ لأنَّ المعنى في الفِعْلِ الحال لا المستقْبَل.

4- (أنْ) المصدريَّة، وهي الَّتي يمكِنُكَ أن تؤؤِّلَها معَ الفِعْلِ بعْدَها بمصدَرٍ، نحو: (يُسْعِدُني أن تتعلَّمَ الفِقْهَ) بمعنى: (يُسْعِدُني تعلُّمُكَ الفِقْهَ).

‌‌عمل (أن):

تَنْصِبُ (أنْ) الفِعْلَ المضارعَ الواقِعَ بعدَها بشرطِ أن لا تَكُونَ مسبوقةً بلَفْظِ عِلْمٍ وما في معناهُ، فنحو: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكونُ ﴾، و ﴿أَفَلا يَرَوْنَ أن لا يَرْجِعُ إليهِمْ قَولًا ﴾، سُبِقَتْ بِلفظِ عِلْمٍ صَريحٍ، وغيرِ صَريحٍ وهو ﴿يَرَوْنَ ﴾، فلم تَنْصِب الفِعْلَ بعْدَها، لأنَّها في هذه الحالةِ (أن) المخفَّفة من الثَّقيلة، أي أصلُها (أنَّ).

وعمَلُ (أنْ) على حالَين:

1- ظاهِرةً، وهو الأصْلُ في عملِها، نحو: ﴿يُريدُ اللهُ أن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ﴾.

2- مُضْمَرةً، وذلكَ بعدَ:

[١] واوٍ عاطفةٍ على مصدَرٍ، نحو:

وَلُبْسُ عَباءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْني… أَحَبُّ إليَّ مِن لُبْسِ الشُّفوفِ

إضْمارُ (أنْ) هُنا جائِزٌ، فيمكنُكَ القولُ: (وأَن تَقرَّ).

[٢] اللَّامِ الَّتي لم تُفْصَلْ عن الفِعْلِ بـ (لا)، نحو: ﴿لِتُبيِّنَ للنَّاسِ ما نُزِّلَ إلَيهِمْ ﴾، ﴿وأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لرَبِّ العالَمينَ ﴾ وإضمارُ (أن) هنا جائزٌ ويمكنُ تقديرُها (لأن تُبيِّنَ) (لأن نُسلمَ).

أمَّا إذا وقعَتْ في سياقِ نفيٍ فالإضمارُ واجِبٌ، نحو: ﴿لم يَكُنِ اللهُ ليَغْفِرَ لهُمْ ﴾.

وتُسمَّى اللَّامُ الواقعةُ في سياقِ نفيٍ: (لامَ الجُحودِ).

وإذا فُصِلَ بينَ اللَّامِ وفعلِها بـ (لا) فإظهارُ (أن) واجِبٌ، نحو: ﴿لئلَّا يكونَ للنَّاسِ على اللهِ حُجَّةٌ﴾.

[٣] (حتَّى)، نحو: ﴿لَن نَبْرَحَ عليهِ عاكِفينَ حتَّى يَرْجِعَ إلينا موسى ﴾.

[٤] (أَو) الَّتي بمعنى (إلى) أو (إلَّا)، نحو: (لأنْشُرنَّ العِلْمَ أوْ أموتَ).

[٥] فاءِ السَّببيَّةِ، بشَرْطِ أن تكونَ مسبوقةً بـ:

أ‌- نفيٍ، نحو: ﴿لا يُقْضى عليهِمْ فيَموتُوا ﴾.

ب‌- أَمرٍ، نحو: (احضُرْ دروسَ الفِقْهِ فتَنْتَفِعَ).

ت‌- نهيٍ، نحو: ﴿ولا تَطْغَوْا فيهِ فَيَحِلَّ عليكُمْ غَضَبي ﴾.

ث‌- استفهامٍ، نحو قولِ النَّبيّ – صلى الله عليه وسلم – عن اللهِ عَزَّ وجلَّ: “مَن يَدْعوني فَأَسْتَجيبَ لَه؟ “.

ج‌- دُعاءٍ، نحو: (رَبِّ أعنِّي فأكفَّ عن السَّيِّئاتِ).

ح‌- تحضيضٍ، نحو: ﴿لَوْلا أخَّرْتَني إلى أجَلٍ قَرِيبٍ فأصَّدَقَ ﴾.

خ‌- تمنٍّ، نحو: ﴿يا ليتَني كنْتُ معهُمْ فأفوزَ فوزاً عظيماً ﴾.

د‌- تَرجٍّ، نحو: ﴿لعلِّي أبْلُغُ الأسْبابَ. أَسْبابَ السَّمواتِ فأطَّلِعَ إلى إلهِ موسى ﴾.

ذ‌- عَرْضٍ، نحو: (أَلا تَزورُنا فنأْنَسَ بلِقائِكَ؟).

[٦] واوِ المعيَّة، بنفْسِ شرْطِ فاءِ السَببيَّة، وهو أن تكونَ مسبوقةً بـ:

أ‌- نفيٍ، نحو: ﴿ولمّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذينَ جاهَدوا مِنْكُمْ ويَعْلَمَ الصَّابِرينَ ﴾.

ب‌- أَمرٍ، نحو: (صِلْ رَحِمَكَ وتَحتَسِبَ الأجرَ).

ت‌- نهيٍ، نحو: (لا تُعالِجِ المنكَرَ بمثْلِهِ وتَنْصَحَ لإخوانِكَ).

ث‌- استفهامٍ، نحو: (ألمْ نجْلِسْ تلكَ المجالِسَ ونَغْتَرِفَ من مناهِلِ المعرفةِ؟).

ج‌- دُعاءٍ، نحو: (رَبِّ أعنِّي على طاعتِكَ وأشْكُرَكَ).

ح‌- تحضيضٍ، نحو: (هلَّا تَزورُنا وتُكْرِمَنا).

خ‌- تمنٍّ، نحو: ﴿يا لَيتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكونَ من المؤمنينَ ﴾.

د‌- تَرجٍّ، نحو: (لعلَّ اللهَ يكْشِفُ الغُمَّةَ ونَعودَ إلى الأوْطانِ).

ذ‌- عَرْضٍ، نحو: (أَلا تَنْزِلُ وتُصيبَ خيراً؟).

‌‌تنبيه: إضمارُ (أَنْ) بعدَ (حتَّى، أو، الفاءِ، الواوِ) واجِبٌ.

‌‌ثالثاً: جزم الفعل المضارع

‌‌أدواته:

هي قسمان:

1- ما يجزِمُ فِعلًا واحداً، وهي:

[١] لمْ، نحو: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يولَدْ ﴾.

[٢] لمَّا، نحو: ﴿كلَّا لمَّا يَقْضِ ما أمَرَهُ ﴾.

[٣] لامُ الطَلَبِ، نحو: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِن سَعَتِهِ ﴾، ﴿لِيَقْضِ علَينا رَبُّكَ ﴾.

وهي مكسورةٌ عندَ الابتداءِ، ساكنةٌ عندَ التَّوسُّطِ، نحو: ﴿فَلْيَدْعُ نادِيَه ﴾.

[٤] (لا) الطَّلبيَّة، للنَّهي، نحو: ﴿لا تُشْرِكْ باللهِ ﴾، وللدُّعاءِ، نحو: ﴿لا تُؤاخِذْنا ﴾.

[٥] الطَّلَبُ إذا تقدَّمَ المضارعَ، وجاءَ المضارعُ على معنى جوابِ الطَّلَبِ، انجزَمَ بغيرِ أداةٍ، نحو: ﴿قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ﴾، فـ ﴿أَتْلُ ﴾ جوابٌ وجزاءٌ لإتيانِهِمْ، فعلٌ مجزومٌ بالطَّلَبِ.

2- ما يجزِمُ فِعْلينِ، وهي: إِنْ، أَيْنَ، أَيّ، مَنْ، ما، مَهْما، مَتى، أيَّانَ، حيثُما، إِذْما، أنَّى.

من أمثلتها: ﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ﴾، ﴿أينَما تَكونوا يُدْرِككُّمُ الموتُ ﴾، ﴿مَن يَعْمَلْ سوءًا يُجْزَ بهِ ﴾، ﴿وَما تَفْعَلوا مِن خَيرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ ﴾.

‌‌أحكام ما يجزم فعلين:

1- جميعُ الأدوات الَّتي تجزِمُ فعْلَين أسماءٌ إلَّا (إِنْ) فهي حَرْفٌ.

2- تُسمَّى (أدواتِ الشَّرْطِ)، والفِعْلُ الأوَّلُ (فِعْلَ الشَّرْط)، والثَّاني: (جوابَ الشَرْط).

3- جميعُ أدواتِ الشَّرْطِ حقُّها أن تكونَ في صَدْرِ الجُملةِ.

4- يأتي فعلُ الشَّرْطِ وجوابُهُ فعلينِ مُضارِعَيْنِ، كما في الأمثلةِ المتقدِّمة، ويأتيانِ فعلَيْنِ ماضيين، نحو: ﴿إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ ﴾، كما يأتي الأوَّلُ ماضياً والثَّاني مُضارِعاً، ولُغةُ القُرآنِ في هذه الصُّورةِ جَزْمُ الفِعْلِ المضارعِ، نحو: ﴿مَنْ كانَ يُرِيدُ الحياةَ الدُّنيا وزينَتَها نُوفِّ إليهِمْ ﴾، ﴿مَن كانَ يُريدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ في حَرْثِهِ ﴾.

5- يجبُ أن يتَّصِلَ حرفُ الفاءِ بجوابِ الشَّرْطِ في أحوالٍ:

أ‌- أن يأتيَ جملةً اسميَّةً، نحو: ﴿وإِن يَمْسَسْكَ بخيرٍ فهُوَ على كُلِّ شيءٍ قَديرٌ ﴾.

ب‌- أن يأتيَ جملةً فعليَّةً فعلُها طلبيٌّ، نحو: ﴿وحيثُ ما كُنْتُمْ فَولُّوا وجوهَكُمْ شَطْرَه ﴾.

ت‌- أن يأتيَ جملةً فعليَّةً فعلُها جامِدٌ، نحو: ﴿إِن تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فنِعِمَّا هِي ﴾.

ث‌- أن يأتيَ جملةً فعليَّةً فعلُها منفيٌّ بـ (لن)، نحو: ﴿وما يَفْعَلوا مِن خيرٍ فَلَن يُكْفَروهُ ﴾.

ج‌- أن يأتيَ جملةً فعليَّةً فعلُها منفيٌّ بـ (ما)، نحو: (إنْ فعَلَها بَكْرٌ فما يفعَلُها أخوهُ).

ح‌- أن يأتيَ جملةً فعليَّةً فعلُها مقرونٌ بـ (قَدْ)، نحو: ﴿إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ﴾.

خ‌- أن يأتيَ جملةً فعليَّةً فعلُها مقرونٌ بحرفِ تنفيسٍ، نحو: ﴿مَن يَرْتدَّ منكُمْ عن دينِهِ فسَوْفَ يأتي اللهُ بقَوْمٍ ﴾.

المصدر: المنهاجُ المختَصر في عِلمي النَّحو وَالصَّرف

ترك تعليق