كتبه: أحمد مختار عمر

إن دراسة اللغة -على ما جرى عليه العرف- سواء كان المنهج وصفيا أو تاريخيا، وتندرج في أربعة مستويات، وإن كانت الحدود بينها غير واضحة تماما كما قد نحب أن يكون. هذه المستويات هي:

1- مستوى الأصوات phonology، ويدرس أصوات اللغة، ويشمل كلا النوعين المعروفين باسم علم الأصوات العام phonetics وعلم الفونيمات phonemics. وسوف نحدد المراد بهذين المصطلحين فيما بعد.

 

2- مستوى الصرف Morphology، أو مستوى دراسة الصيغ اللغوية وبخاصة تلك التغييرات التي تعتري صيغ الكلمات فتحدث معنى جديدًا، مثل اللواحق التصريفية inflectional endings “على سبيل المثال S التي تضاف إليه Cat فتصيرها جمعا”، والسوابق prefixes “مثل re قبل tell لتعطيها معنى يخبر مرة ثانية”، والتغيرات الداخلية internal changes “مثل تغيير حرف العلة في sing إلى sang لإفادة الماضي”.

 

3- مستوى النحو Syntax, الذي يختص بتنظيم الكلمات في جمل أو مجموعات كلامية “مثل نظام الجملة: ضرب موسى عيسى، التي تفيد عن طريق وضع الكلمات في نظام معين أن موسى هو الضارب وعيسى هو المضروب”[1].

 

4- مستوى المفردات Vocabulary. الذي يختص بدراسة الكلمات المنفردة، ومعرفة أصولها، وتطورها التاريخي، ومعناها الحاضر، وكيفية استعمالها، ويدخل تحت دراسة المفردات فرع يسمى بالاشتقاق Etymology وهو يختص بدراسة تاريخ الكلمات، وفرع آخر يسمى الدلالة Semantics ويختص بدراسة معاني الكلمات وهناك فرع يسمى المعجم Lexicography وهو فن عمل المعجمات اللغوية، ويستمد وجوده من علم دراسة تاريخ الكلمات وعلم الدلالة، يضاف إلى ذلك اهتمامه ببيان كيفية نطق الكلمة، ومكان النبر فيها، وطريقة هجائها، وكيفية استعمالها في لغة العصر الحديث.


وإن الحدود بين هذه المستويات الأربعة غير واضحة تمامًا ومتشابكة، فأصوات اللغة مثلا تتأثر كثيرًا بالصيغ، والعكس كذلك صحيح، والصوت والصيغة كلاهما يتأثران -غالبًا- بالمعنى، كذلك يوجد تبادل مطرد بين الصرف والنحو، كما هو الحال بالنسبة لبعض اللغات حين تستعمل واحدًا منهما وتستغني عن الآخر[2].

 

ولهذا فإن الصرف والنحو كثيرًا ما يجمعان تحت اسم واحد هو التركيب القواعدي Grammatical Structure.


وإذا نظرنا من زاوية اكتساب اللغة نجد أن أولئك الذين يتعلمون لغتهم الأم يكتسبون النماذج الصوتية وقواعد اللغة الأساسية في وقت مبكر، وهم من ثم يستعملونها بصورة مشتركة، مع اختلافات بسيطة ترجع إلى الموقع الجغرافي “لهجات محلية”، وطبقة المتكلم الاجتماعية، ونوع تعليمه ولكن نفس الشيء لا يمكن أن يقال بالنسبة لمفردات اللغة التي تعكس اختلافات هائلة بين المتكلمين في مجتمع لغوي واحد، إلى جانب ذلك هناك قدر أساسي مشترك من المفردات يستعمله أبناء اللغة الواحدة بوجه عام.


وإن التعليم الطبيعي لعملية اللغة يأتي عن طريق التكرار، والمحاكاة، وخصوصًا فيما يمس الأصوات وصور التنغيم وقواعد اللغة الأساسية، وإن دراسة اللغة عن طريق قواعد النحو قد وصفت -ببراعة- بأنها حيلة لاستنفاذ الوقت، حيث تستغل قدرة الشخص العقلية على التعميم والتجريد، بدلا من اللجوء إلى التكرار والتقليد اللانهائيين، كما هو الحال حيث يكتسب الشخص لغته الأم في مرحلة الطفولة.

المصدر: أسس علم اللغة

 


[1] المثال الذي ضربه المؤلف هو “John hit George” “المترجم”.

[2] في اللاتينية والروسية -على سبيل المثال- تعد النهايات الصرفية على درجة كبيرة من الأهمية ويعد علم النحو قليل الأهمية، وفي اللغة الصينية لا وجود لعلم الصرف، ويقوم علم النحو وحده بوظيفة إعطاء المعنى للجملة أو العبارة.
“وسيأتي تمثيل المؤلف بالجملة الصينية: “هو ضرب أنا” حيث لا يوجد اختلاف في شكل الضمير باختلاف موقعه الإعرابي”. “المترجم”.

ترك تعليق