كتبه: ابن الحاجب المالكي
المحقق: الدكتور صالح عبد العظيم الشاعر

‌‌مقدّمة المحقّق:

‌‌[ابن الحاجب-‌‌شيوخه-‌‌تلاميذه-‌‌مؤلّفاته-الكافية والشافية-منهج العمل]

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسّلام على أشرف الخلق سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد. . .

ابن الحاجب:

هو عثمان بن عمر بي أبي بكر جمال الدين بن الحاجب، ولد في (إسنا) بأقصى صعيد مصر سنة ٥٧٠ هـ‍، فأخذه أبوه-وكان حاجبا لعز الدين موسك الصلاحي-إلى القاهرة، فدرس فيها علوم القرآن والعربية، وتفقه على مذهب الإمام مالك، فأصبح من أبرز فقهاء زمانه حتى قيل فيه: “إنه شيخ المالكية في عصره”، ومع هذا كان عالما بالقراءات والنحو، بارعا بعلم الأصول، وقد ألّف في هذه العلوم جميعها.

قصد ابن الحاجب في آخر زمانه الإسكندرية للإقامة فيها، ففاجأه الموت في السّادس والعشرين من شوّال سنة ٦٤٦ هـ‍.

شيوخه:

من أبرز شيوخه: القاسم الشاطبي، وأبو الجود اللخمي، وأبو الفضل الغزنوي، وأبو الحسن الأبياري، والقاسم ابن عساكر.

تلاميذه:

ومن تلاميذه: الرضي القسطنطيني، والملك الناصر داود بن الملك المعظم، وابن العماد زين الدين، وجمال الدين بن مالك.

مؤلفاته:

من مؤلفاته النحوية والصرفية:

الأمالي النحوية، الإيضاح: وهو شرح لمفصل الزمخشري، رسالة في العشر، شرح الكافية، شرح الشافية، شرح كتاب سيبويه، شرح المقدمة الجزولية، شرح الوافية، القصيدة الموشحة بالأسماء المؤنثة، المسائل الدمشقية، (المكتفي للمبتدي) شرح (الإيضاح) لأبي علي الفارسي، وله كذلك قصيدة (المقصد الجليل) في علم العروض.

وله من المؤلفات الأخرى:

(جامع الأمهات) أو (مختصر الفروع) في الفقه، جمال العرب في علم الأدب، ذيل على (تاريخ دمشق) لابن عساكر، شرح الهادي، عقيدة ابن الحاجب، مختصر المنتهى في الأصول، معجم الشيوخ، المقصد الجليل في علم الخليل، منتهى السؤال والأمل في علمي الأصول والجدل.

‌‌الكافية:

اسمها الكامل (كافية ذوي الأرب في معرفة كلام العرب)، وهي مقدمة شاملة في علم النحو، تكفي الدارس ليحيط علما بالموضوعات الأصول في علم النحو، بعيدا عن كثير من التفاصيل والفروع والخلافات، وهو ما قصد إليه ابن الحاجب.

وشهرة الكافية جعلت الشروح عليها تكثر كثرة عظيمة، وقد أحصى الدكتور طارق نجم عبد الله مائة واثنين وأربعين من هذه المؤلّفات باللغة العربية، هذا عدا الشّروح التركيّة والفارسيّة، فضلا عن المختصرات والمنظومات، والمصنّفات في إعراب الكافية.

ومن الشروح المشهورة للكافية: شرح الرضي الاستراباذي، والفوائد الضيائية لنور الدين الجامي، ولابن هشام شرح عليها يسمّى (البرود الضافية).

‌‌الشافية:

صنّف ابن الحاجب الشّافية في علمي التّصريف والخطّ مستفيدا بجهود السّابقين من علماء اللّغة، ومستعينا بمنهج محكم في الاختصار والتلخيص لتكون مقدمة جامعة صغيرة الحجم عظيمة المحتوى، وقد اهتمّ العلماء بها فكثر شرّاحها وتعدّد ناظموها وكتّاب الحواشي عليها.

ومن شرّاحها: رضي الدين الأستراباذي، النظام الأعرج النيسابوري، ركن الدين الأستراباذي، أحمد بن الحسين الجاربردي، عز الدين ابن جماعة، محمد بن القاسم الغزي الغرابيلي، ابن هشام الأنصاري.

ومن الناظمين لها: إبراهيم بن حسام الكرمياني، الشيخ أبو النجا ابن خلف، يوسف بن عبد الملك.

‌‌منهج العمل:

أمّا العمل في الكافية فقد اطّلعت أوّل الأمر على تحقيق الدكتور طارق نجم عبد الله [1]، وهو عمل من الدّقّة بمكان؛ حيث اعتمد في تحقيقه على تسع نسخ، بين مطبوع منها ومخطوط، ثمّ زدت عليها-بفضل الله-نسخة ممتازة من محفوظات مكتبة جامعة برينستون، Princeton University Library نسخت عام ٧٩٣ هـ‍ وقوبلت على نسخة المصنّف، وقد قرأها صاحبها (علاء الدين ابن النقيب) على اثنين من شيوخه أولهما عبد الله بن عبد الرحمن البسطامي، والثاني فقد اسمه في آخر المخطوطة، ولوحاتها أربع وأربعون، كتب في ختامها قبل إجازات الشيوخ (بلغ مقابلة بنسخة المصنف وجعل موافقا بحمد الله تعالى).

وقد ظهر فضل هذه النسخة حين وجدت بها بعض النصوص التي خلت منها طبعة د. نجم بلا إشارة إلى نقص أو طمس، ومن الأمثلة الواضحة ما ورد في باب التعجب، حيث جاء النصّ في المخطوطة:

و (به) فاعل، [و (أفعل) أصله خبر] عند سيبويه، ولا ضمير في (أفعل)، و [أمر] عند الأخفش، والباء للتّعدية، أو زائدة ففيه ضمير. “

وقد كان النصّ الأوّل الذي بين المعكوفين ساقطا في النسخة المطبوعة، فظهرت مشكلة نسبة قول إلى سيبويه لم يقل به وهو القول بفاعلية (به) في أسلوب التّعجّب، كذلك كان النصّ في المطبوعة (ومفعول عند الأخفش) وتم التصحيح من المخطوطة، وهذا ممّا أثبت حسن المخطوطة وكونها في القمّة من الدقّة، والحمد لله.

وأمّا العمل في الشافية فقد كان المعتمد الأول لإثبات نصّها الطبعة العتيقة المطبوعة مع شرح العلامة الجاربردي وحاشية ابن جماعة الكناني، ثمّ استأنست بالمقابلة على نسخة استجدتها من محفوظات جامعة الملك سعود، منسوخة عام ١٣٧٢ هـ‍، ولوحاتها إحدى وأربعون.

وقد حرصت على الدّقّة التّامّة في ضبط الكلمات والأمثلة والصيغ، والله وحده يعلم ما يحتاجه ذلك من جهد في المؤلّفات اللغوية، والصّرفيّة منها خاصّة.

وذيّلت الكتابين بما يحتاجانه من فهارس الآيات القرآنية، وشواهد الشّعر، والأمثال والأقوال، والأعلام، ولم أشأ الفصل بين فهارس الكافية وفهارس الشافية؛ حرصا على جعلهما كتابا واحدا بمثابة مقدمة تضمّ خلاصة القواعد النّحويّة والصّرفيّة.

وبعد أيّها القارئ الكريم، فأتمنّى لك الاستفادة بما رجوناه من تقديم الكافية والشافية بين دفّتي كتاب واحد، ولعلّ الله ينفع بهذا العمل أهل العلم وطلاّبه في كل زمان ومكان، فهو وليّ ذلك والقادر عليه.

وختاما أحمد الله على توفيقه في إخراج هذا العمل إلى النور، وأسأله تعالى أن يستر ما فيه من تقصير ويغفره، إنه حييّ ستّير.

والحمد لله أولا وآخرا. . .

 


[1] منشور عام ١٩٨٦م، مكتبة دار الوفاء للنشر والتوزيع، جدة.

ترك تعليق