ما هي الوسائل المساعدة إلى التمكن من العربية؟

د. مكي الحسني

تمهيد:

ترمي هذه الحلقات إلى تحسين أداء الكاتبين باللغة العربية. فهي تتحدث عن الوسائل التي يمكن أن تساعدهم على ذلك، وتنبِّه على الأخطاء النحْوية واللغوية الشائعة في الكتابات المعاصرة، وتبيِّن وجه الخطأ والصواب فيها، وتذكِّر بأهم القواعد النحوية والصرفية واللغوية التي تشتدّ حاجة الكاتبين إليها.

وسأتحدث بين يدي هذه الحلقات بتمهيد يتناول:
ما السبيل إلى التمكن من العربية؟

أودّ ابتداءً أن أقول إن الحد الأدنى المطلوب هو التمكن من العربية السليمة، ويمكن بعد ذلك السعي للتضلّع من الفصيحة، ثم الفصحى في المرحلة الأخيرة.

قال ابن خلدون في مقدمته (ص 561): ((إن حصول ملكة اللسان العربي إنما هو بكثرة الحفظ من كلام العرب حتى يرتسم في خياله [الضمير عائد لمن يبتغي هذه الملكة] المِنوالُ الذي نسجوا عليه تراكيبهم، فينسجَ هو عليه، ويتنَزَّلَ بذلك مَنْزِلةَ مَن نشأ معهم، وخالط عباراتهم في كلامهم، حتى حصلت له الملكة المستقرة في العبارة عن المقاصد على نحو كلامهم)).

وأشار إلى هذا المعنى الدكتور إبراهيم مدكور – الرئيس السابق لمجمع اللغة العربية بالقاهرة – فقال: ((ملكة اللغة تُكتسَب بالحفظ والسماع، أكثر مما تُكتسب بالضابط والقاعدة)).

وهذا يعني أن المعوَّل عليه في المقام الأول هو الحفظ والسماع، وبعد ذلك يأتي دور كتاب القواعد. ولهذا السبب كان الأوائل يرسلون أبناءهم صغاراً إلى البادية، ليسمعوا اللغة الصافية ويحفظوها، فتنشأ لديهم السليقة.

ومن المهم أن ندرك أننا جميعاً – في العصور الأخيرة – لا نملك سليقة لغوية سليمة، للأسباب التي ذكرتها في الفقرة السابقة. وهذا يعني أن علينا اكتساب العربية السليمة، مثلما نكتسب الإنكليزية السليمة. كيف؟

1- بقراءة الكثير من النصوص الفصيحة قراءةً متأنِّيةً مُتَرَوِّيَة، مع إنعام النظر في المفردات والتراكيب لحفظها واستعمالها والقياس عليها. وحبذا تعويدُ أولادنا، منذ الصغر، قراءةَ هذه النصوص. أما السماع فنفتقر إليه: إذ أين يمكنك في هذه الأيام أن تسمع لغة عربية عالية، يمكن الاقتباس منها؟

2- بالرجوع المتكرر إلى معجم لغوي جيد.

3- بالاستعانة بكتاب جيد في قواعد العربية.

4- بالاطلاع على بعض معاجم الأخطاء الشائعة.

ترك تعليق