كتبه/ هدى محمود عجمي 

لا شك أننا نعيش تحديات كثيرة في زماننا الحالي مع التقدم التقني الهائل في تكنولوجيا الاتصال.

ومن جملة هذه التحديات؛ تحدٍ جديد من نوعه؛ وهذا التحدي لفرسان الكلمة،

حيث كان في الزمن الماضي قبل ظهور هذا التطور التكنولوجي، لا يكاد بعضهم يستمع لخطيب مسجده فقط ولا يعرف غيره، أو لفصيح الحي، وعلامة ديار الحارة التي يسكن فيها،

إلا أن الوضع قد تغير الآن، وأصبح فرسان الكلمة في وضع لا يحسدون عليه، حيث كَثُرَ العرض وتنوع الأداء وأصبح في متناول الجميع.

فالذين يقدمون الأفكار والرؤى والنصائح والمواعظ؛ من خلال ثورة الاتصالات المرئية والمسموعة؛ كثير منهم على مستوى ثقافي عالٍ مع جودة الإلقاء والقدرة على إيصال أفكارهم التي يرغبون في إيصالها،

وأصبح بإمكان الفرد العادي أن يستمع لكثير منهم وانتقاء الأفصح والأجود في توصيل رسالته، وكما قال: رسول الله- صل الله عليه وسلم-: (إن من البيان لسحرا)

فللكلمة وعرضها مفعول السحر على المستمع.

ولهذا وجب على كل صاحب فكرة أو رسالة؛ أن يكون لسانه من أتم الألسنة بيانًا وتمييزًا للمعاني حتى يكون الأقدر؛ فالبقاء للأفصح.

ولأن للغة العربية مكانةً خاصة لم تُتح لأية لغةٍ من لغات العالم كلها؛ ذلك لأن الله شرفها، فأنزل بها كتابه، ووعد بحفظه على تعاقب الأزمان {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}؛ فينبغي على فرسان الكلمة أن يعتزوا بلغتهم وأن يهتموا بالتحدث بالفصحى، فلغته خزانة فكره، بل هي خزانة نفيس البيان الصحيح، والتي تعجز عنه سائر اللغات،

وكما قال الشافعي: (يجب على كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما يبلغه جهده في آداء فرضه).

قد يقول قائل: كيف السبيل؟

نقول كما قال علماء الأصول في تحصيل أدوات المجتهد: (أن يكون عارفًا بلسان العرب، وموضع خطابهم لغة ونحوًا وصرفًا)

وكما قال الشوكاني – رحمه الله-: (إنما يتمكن من معرفة معاني اللغة، وخواص تركيبها، وما اشتملت عليه من لطائف ومزايا، من كان عالمًا بعالم النحو الصرف والبيان).

وعليه: فيا باغي الفصحى: أقبل بنية وعزم وجد وصبر،

وابدأ بتعلم:

أولًا النحو:

ولكن قبل هذا لابد من خطوة مهمة وهي اختيار المعلم والموجه، الذي يتمتع بدقة وجمال أسلوبه، والذي يأخذ بيديك ويصعدك سلم اللغة، ويجعلك مطمئنًا بقوله: “الأمر يسير” (ولا تلتفت لمن يعرقل مسيرتك وهدفك- بقوله: النحو صعب وطويل سلمه،

إذا ارتقى فيه الذي لا يفهمه

أراد أن يعربه فيعجمه)

هذا ليس صحيحًا ( بل النحو سهلٌ وجميلٌ سلمه،

ودرجه سهلة من أول تفهمه)

علم النحو علم شريف ووسيلة نتقرب بها إلي الله.

ثانيًا: تعلم البلاغة والفصاحة: والتي هي الظهور والبيان،

فالكلام الفصيح ما كان واضح المعني، سهل اللفظ، جيد السَّبك،

كما قال: على الجارم ومصطفى أمين في كتابهما البلاغة الواضحة.

ثالثا: القراءة في كتب الأدب لاكتساب حصيلة لغوية جديدة، واكتساب سبك الجمل بسلاسة، من الكتب الأدبية، مثل( الكامل للمبرد، البيان والتبين للجاحظ، الأماني للقالي، عيون الأخبار وأدب الكاتب كلاهما لابن قتيبة، ظهر الآداب للقيرواني).

ومن الممكن البدء بقراءة الكتب المُشَكَّلة، لضبط اللسان.

رابعًا: القراءة والاستماع للقصائد والأبيات الشعرية، وهذا مما يحسن مهارات النطق وفن التحدث والإلقاء.

خامسا التمرين الشفوي، والتحدث قدر الإمكان في المعاملات اليومية بالفصحى، أو على الأقل تخصيص ساعة معينة تتحدث فيها بالفصحى سمها (ساعة الفصحى) مستخدمًا ما تعلمته من فن الإعراب البلاغة…..

سادسًا بعض العوامل التي تعين على تثبيت ما تعلمته،

1- تدريس ما تعلمته من القواعد العربية حتى لو لأولادك.

2- التمرين الكتابي: يجب الإكثار من التمرينات التي تعين على تثبيت ما تتعلمه من فن النحو والصرف وصياغة الجمل ببلاغة وفصاحة.

وأخيرًا عليك أن تعلم فساد حياتنا الأدبية اليوم بالنظر في كتابي (لمحة من فساد حياتنا الأدبية ورسالة في الطريق إلى ثقافتنا) للأستاذ محمود محمد شاكر،

وكتاب( تحت راية القرآن) للعلامة الرافعي… حتى نعي ضرورة تعلم اللغة الفصيحة.

5 Comment

  1. بسم الله والحمد لله والصلاة والسلامأشرف رسل الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه
    أما بعد :
    تهانينا وتبارك الرحمن ، أداء رائع ، واستشهاد بما يفصح عن مافي النفس ٠
    بما في معنى
    حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : 《 إنَّ الله تعالى يحب إذا عملَ أحدكم عملا أن يتقنه 》٠
    فالأخت أجادت الإتقان ، وأحسنت البيان ، في التعبير عن الحديث بالفصحى ٠
    جزاها الله خيرا وأحسن إليها وجعلها من السّبّاقّات إلى خدمة كتاب الله العزيز ٠
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ٠

  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
    مبارك أختي الغالية على فوزك بمسابقة أحسن مقال لكيفية التحدث بالفصحى أسأل الله أن يتقبل جهدك وينفع بك، ويبارك لك في فوزك.

  3. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    لو كنت حكما لأعطيت لـ (صاحب/صاحبة) المقال الترتيب الأول، جدا استفدت من المقال ومن مراجع الكتب، جعله الله في ميزان الحسنات، وتقبل منكم صالح الأعمال.

  4. بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما بعد :
    أحسن الأداء والاستشهاد والبيان ٠

ترك تعليق