وُجُوه النصب (بِالْجَوَابِ بِالْفَاءِ – بالتعجب – الَّذِي فَاعله مفعول)

ملاحظة: مرر الماوس على الأسهم في الأسفل لعرض المقال كاملاً

 
المؤلف: الخليل الفراهيدي (المتوفى: ١٧٠هـ)
المحقق: د. فخر الدين قباوة

قَوْلهم أكْرم زيدا فيكرمك

وَتعلم الْعلم فينفعك

نصبت يكرمك وينفعك لِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمر بِالْفَاءِ وَكَذَلِكَ القَوْل فِي جَمِيع أخواتها.

قَالَ الله جلّ وَعز فِي الشُّعَرَاء ﴿ فَلَا تدع مَعَ الله إِلَهًا آخر فَتكون من الْمُعَذَّبين ﴾ وَقَالَ جلّ ذكره فِي الْأَعْرَاف ﴿ فَهَل لنا من شُفَعَاء فيشفعوا لنا أَو نرد فنعمل ﴾ نصب فَتكون لِأَنَّهُ جَوَاب النَّهْي بِالْفَاءِ وَنصب فيشفعوا أَو نرد فنعمل لِأَنَّهُ جَوَاب الِاسْتِفْهَام بِالْفَاءِ.

وَأما قَوْله فِي الْأَنْعَام ﴿ وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي يُرِيدُونَ وَجهه مَا عَلَيْك من حسابهم من شَيْء وَمَا من حِسَابك عَلَيْهِم من شَيْء فَتَطْرُدهُمْ فَتكون من الظَّالِمين ﴾ مَعْنَاهُ وَالله أعلم وَلَا تطرد فَتكون من الظَّالِمين تظلمهم فَتَطْرُدهُمْ فَقدم وَأخر.

قَوْلهم مَا أحسن زيدا وَمَا أكْرم عمرا هُوَ فِي التمثال بِمَنْزِلَة الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ كَأَنَّهُ قَالَ شَيْء حسن زيدا وحد التَّعَجُّب مَا يجده الْإِنْسَان من نَفسه عِنْد خُرُوج الشَّيْء من عَادَته.

وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ هَذَا لَا يُقَاس عَلَيْهِ لِأَن قَوْلهم مَا أعظم الله لَا يجوز أَن تَقول شَيْء عظم الله فَرد عَلَيْهِم قَوْلهم وَقَالَ البصريون لَا يذهب الْقيَاس بِحرف وَاحِد وَقَالُوا لَا يَجْعَل فَاعله مَفْعُولا وَلَا مَفْعُوله فَاعِلا وَمن شَأْن الْعَرَب الوسع فِي كل شَيْء وَمعنى مَا أعظم الله مَا أعظم مَا خلق الله وَمَا أحسن مَا خلق.

مثل قَول الله جلّ وَعز فِي آل عمرَان ﴿ قَالَ رب أَنى يكون لي غُلَام وَقد بَلغنِي الْكبر ﴾ والحدثان للمخلوق لَا للكبر وَمثله فِي مَرْيَم ﴿ واشتعل الرَّأْس شيبا ﴾ والحدثان للشيب لَا للرأس وَمَعْنَاهُ وَقد بلغت الْكبر وَمثله ﴿ مَا إِن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي الْقُوَّة ﴾ مَعْنَاهُ لتنوء الْعصبَة بمفاتحه وَقيل معنى تنوء تذْهب قَالَ الشَّاعِر:

(أسلموه فِي دمشق كَمَا … أسلمت وحشية وهقا)

أَلا ترى أَن الْفِعْل للوهق

وَمن ذَلِك قَول جرير:

(مثل القنافذ هداجون قد بلغت … نَجْرَان اَوْ بلغت سوءاتهم هجر)

والسوءات بلغت هجر وَقَالَ أَبُو زبيد الطَّائِي:

(إِلَيْك إِلَيْك عذرة بعد عذرة … وَقد يبلغ الشَّرّ السديل المشمر)

وَالشَّر قد يبلغ السديل وَمن ذَلِك قَول الآخر:

(كَانَت عُقُوبَة مَا جنيت كَمَا … كَانَ الزناء عُقُوبَة الرَّجْم)

الزناء يمد وَيقصر والبكاء أَيْضا وَالْوَجْه كَمَا كَانَ الرَّجْم عُقُوبَة الزناء.

المصدر: الجمل في النحو

ترك تعليق