المداواة بالقرآن

المؤلف: مصطفى ديب البغا، محيى الدين ديب مستو

مصدر المقال: الواضح في علوم القرآن


المداواة بالقرآن أو ما يسمّى بالرقية، وهي قراءة القرآن على المريض بقصد الاستشفاء جائزة، وأخذ الأجرة عليها جائز أيضا، فقد روى البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوّذات .


وفي رواية أخرى: كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوّذات وينفث، فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه، لأنها كانت أعظم بركة من يدي [1].


وأخرج البخاريّ ومسلم، وغيرهما، عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: كنّا في مسير لنا، فنزلنا منزلا، فجاءت جارية، فقالت: إنّ سيّد الحيّ سليم. وإنّ نفرنا غيّب، فهل منكم راق؟ فقام معها رجل ما كنّا نأبنه برقية، فرقاه فبرأ، فأمر له بثلاثين شاة، وسقانا لبنا، فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية؟
أو: كنت ترقي؟

قال: لا، ما رقيت إلا بأمّ الكتاب. قلنا: لا تحدثوا شيئا حتى نأتي- أو نسأل- رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال:
«وما كان يدريه أنها رقية، اقسموا واضربوا لي بسهم» [2].


[سليم: السليم اللديغ، سمي به تفاؤلا له بالسلامة. وإن نفرنا غيّب: النفر هاهنا الرجال خاصة، والغيّب: الغائبون عن الحيّ. نأبنه: أي نتهمه].


واحتجّ الشافعية وغيرهم بهذا الحديث على جواز أخذ العوض في مقابل قراءة القرآن كما سبق، ولا فرق عندهم بين قراءته للتعليم، وقراءته للطب.

 

أما الحنفية فقد أجابوا عن هذا الحديث، بأن الرقية ليست تلاوة فقط، بل المقصود منها الطبّ، وأخذ الأجرة على الطبّ جائز عندهم.

 


[1] رواه البخاري في الطب (5403) ومسلم في السلام (2192) وأبو داود في الطب (3902) والترمذي في الدعوات (3399).

[2] رواه البخاري في الطب (5404) ومسلم في السلام (2201).

ترك تعليق